بيان اللغات: قوله (والوقار)، بفتح الواو، الرزانة، (والسكينة)، السكون وقال الجوهري: السكينة: الوداع، والوقار، قوله (استعفوا)، من الاستعفاء، وهو طلب العفو، والمعنى: اطلبوا له العفو من الله. كذا هو في أكثر الروايات، بالعين المهملة والواو في آخره، وفي رواية ابن عساكر: (استغفروا)، بغين معجمة وراء، من الاستغفار، وهي رواية الأصيلي في (المستخرج).
بيان الإعراب: قوله (سمعت). جملة من الفعل والفاعل. وجرير بن عبد الله مفعوله، وفيه تقدير لا يصح الكلام، إلا به، لأن جريرا ذات، والمسموع هو الصوت والحروف، وهو: سمعت قول جرير بن عبد الله أو نحوه، فلما حذف هذا وقع ما بعده تفسيرا له، وهو قوله: يقول. ويوم نصب على الظرفية أضيف إلى الجملة، أعني: قوله: مات المغيرة بن شعبة. قوله (قام) جملة استئنافية لا محل لها من الإعراب. قوله (فحمد الله) عطف عليه، أي: عقيب قيامه حمد الله تعالى. قوله (عليكم) اسم من أسماء الأفعال معناه: الزموا اتقاء الله. قوله (وحده)، نصب على الحالية، وإن كان معرفة لأنه مؤول إما بأنه في معنى واحدا، وإما بأنه مصدر: وحد يحد وحدا، نحو وعد يعد وعدا. قوله (لا شريك له)، جملة تؤكد معنى: وحده. قوله (والوقار) بالجر عطف على: باتقاء الله، أي: وعليكم بالوقار والسكون. قوله (حتى يأتيكم أمير). كلمة: حتى، هذه للغاية، و: يأتيكم، منصوب بأن المقدرة بعد حتى. فإن قلت: هذا يقتضي أن لا يكون بعد إتيان الأمير الاتقاء والوقار والسكون، لأن حكم ما بعد: حتى، التي للغاية خلاف ما قبل. قلت: قال الكرماني: لا نسلم أن حكمه خلاف ما قبله، سلمنا لكنه غاية للأمر بالاتقاء لا للأمور الثلاثة، أو غاية للوقار والسكون لا للاتقاء، أو غاية للثلاثة. وبعد الغاية، يعني عند إتيان الأمير يلزم ذلك بالطريق الأولى، وهذا مبني على قاعدة أصولية وهي: إن شرط اعتبار مفهوم المخالفة فقدان مفهوم الموافقة، وإذا اجتمعا يقدم المفهوم الموافق على المخالف. قلت: مفهوم الموافقة ما كان حكم المسكوت عنه موافقا لحكم المنطوق به، كمفهوم تحريم الضرب للوالدين، من تنصيص تحريم التأفيف لهما، ومفهوم المخالفة ما كان حكم المسكوت عنه مخالفا لحكم المنطوق، كفهم نفي الزكاة عن العلوفة بتنصيصه صلى الله عليه وسلم على وجوب الزكاة في الغنم السائمة. قوله (فإنما يأتيكم) أي: الأمير، وكلمة: إنما، من أداة الحصر. قوله (الآن)، نصب على الظرف. قوله (فإنه) الفاء: فيه للتعليل. وقوله (كان يحب العفو)، جملة في محل الرفع على أنها خبر إن. قوله (أما بعد)، كلمة: أما، فيها معنى الشرط، فلذلك كانت الفاء لازمة لها، و: بعد، من الظروف الزمانية، وكثيرا ما يحذف منه المضاف إليه ويبنى على الضم، ويسمى غاية. وههنا قد حذف، فلذلك بني على الضم، والأصل: أما بعد الحمد لله والثناء عليه، أو التقدير: أما بعد كلامي هذا، فإني أتيت: قوله (قلت) جملة من الفعل والفاعل بدل من قوله (أتيت) فلذلك ترك العاطف حيث لم يقل: وقلت، أو: هي استئناف. وقوله: فشرط على بتشديد الياء في: على، على الصحيح من الروايات، والمفعول محذوف تقديره: فشرط على الإسلام. قوله (والنصح) بالجر لأنه عطف على الإسلام، أي: وعلى النصح لكل مسلم، ويجوز فيه النصب عطفا على مفعول شرط مقدر تقديره: وشرط النصح لكل مسلم. قوله (على) هذا إشارة إلى المذكور من الإسلام والنصح كليهما. قوله (ورب هذا المسجد) الواو فيه للقسم، وأشار به إلى مسجد الكوفة. قوله (إني لناصح) جواب القسم، وأكده بأن واللام والجملة الإسمية. قوله (ونزل) أي: عن المنبر، أو معناه: قعد، لأنه في مقابلة: قام. فافهم.
بيان المعاني: قوله (يوم مات المغيرة). كانت وفاته سنة خمسين من الهجرة، وكان واليا على الكوفة في خلافة معاوية، واستناب عند موته ابنه عرفة. وقيل: استناب جريرا المذكور، ولهذا خطب الخطبة المذكورة. قوله (فحمد الله). أي اثنى عليه بالجميل، وأثنى عليه أي: ذكره بالخير، ويحتمل أن يراد بالحمد وصفه متحليا بالكمالات، وبالثناء وصفه متخليا عن النقائص، فالأول إشارة إلى الصفات الوجودية، والثاني: إلى الصفات العدمية: أي التنزيهات. قوله (حتى يأتيكم أمير) أي: بدل هذا الأمير الذي مات، وهو المغيرة. فإن قلت: لم نصحهم بالحلم والسكون؟ قلت: لأن الغالب أن وفاة الأمراء تؤدي إلى الفتنة والاضطراب بين الناس، والهرج والمرج، وأما ذكره الاتقاء فلأنه ملاك الأمر ورأس كل خير، وأشار به إلى ما يتعلق بمصالح الدين، وبالوقار والسكينة إلى ما يتعلق بمصالح الدنيا. وقوله (فإنما يأتيكم الآن) إما أن يراد به حقيقته، فيكون ذلك الأمير جريرا بنفسه. لما روى أن المغيرة استخلف جريرا على الكوفة عند موته على ما ذكرنا، أو يريد به المدة القريبة من