عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٣١٦
وقوله (ونفقة الرجل على أهله يحتسبها صدقة) لقوله: والحسبة، ولذلك ذكر ثلاثة أحاديث، فحديث عمر، رضي الله عنه، لقوله (الأعمال بالنية). وحديث أبي مسعود، لقوله (والحسبة)، وحديث سعد بن أبي وقاص، لقوله: (ولكل امرئ ما نوى).
54 حدثنا عبد الله بن مسلمة قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأعمال بالنية ولكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
(الحديث 54 انظر الحديث رقم 1).
قد مر الكلام فيه مستوفى في أول الكتاب لأنه صدر كتابه بهذا الحديث، وكذلك الكلام في رجاله ومسلمة، بفتح الميمين واللام، وقال الكرماني: فإن قلت: لما كان الحديث بتمامه صحيحا ثابتا عند البخاري لم خرمه في صدر الكتاب؟ مع أن الخرم جوازه مختلف فيه. قلت: لأخرم، بالجزم، لأن المقامات مختلفة، فلعل في مقام بيان أن الإيمان من النية، واعتقاد القلب سمع الحديث تماما، وفي مقام أن الشروع في الأعمال إنما يصح بالنية، سمع ذلك القدر الذي روى، ثم إن الخرم محتمل أن يكون من بعض شيوخ البخاري لا منه، ثم إن كان منه فخرمه ثمة لأن المقصود يتم بذلك المقدار. فإن قلت: كان المناسب أن يذكر عند الخرم الشق الذي يتعلق بمقصوده، وهو: أن النية ينبغي أن تكون لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم. قلت: لعله نظر إلى ما هو الغالب الكثير بين الناس. انتهى. قلت: هذا كله إطناب في الكلام، والذي ينبغي أن يقال، إن هذه الزيادة والنقصان في هذا الحديث وأمثاله من اختلاف الرواة، فكل منهم قد روى ما سمعه. فلا خرم فيه لا من البخاري ولا من شيوخه، وإنما البخاري ذكر كل ما رواه من الأحاديث التي فيها زيادة ونقصان بحسب ما يناسب الباب الذي وضعه ترجمة له.
55 حدثنا حجاج بن منهال قال حدثنا شعبة قال أخبرني عدي بن ثابت قال سمعت عبد الله بن يزيد عن أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهو له صدقة.
قد قلنا: إن الباب معقود على ثلاث تراجم،. لكل ترجمة حديث يطابقها، وهذا الحديث للترجمة الثانية، وهي قوله (والحسبة).
بيان رجاله: وهم خمسة. الأول: الحجاج بن منهال، بكسر الميم، أبو محمد الأنماطي السلمي، مولاهم وغيره، سمع شعبة من الأعلام، وروى عنه محمد بن يحيى الذهلي وابن وارة والبغوي وإسماعيل القاضي والبخاري وآخرون، اتفق على توثيقه، وكان رجلا صالحا وكان سمسارا يأخذ من كل دينار حبة، فجاء خراساني موسر من أصحاب الحديث فاشترى له أنماطا وأعطاه ثلاثين دينارا، فقال: خذ هذه سمسرتك، قال: دنانيرك أهون علي من هذا التراب، هات من كل دينار حبة، وأخذ ذلك. قال أحمد بن عبد الله: هو بصري ثقة، مات بالبصرة سنة ست عشرة أو سبعة عشرة ومائتين، قال الشيخ قطب الدين في (شرحه) وروى له البخاري، وروى مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن رجل عنه، وقال النووي في (شرحه): روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود، وقال المزني في (تهذيبه): روى له الستة، والصواب أن البخاري ومسلما وأبا داود رووا عنه، والثلاثة البقية رووا له، وليس في الكتب الستة حجاج بن منهال سواه. الثاني: شعبة بن حجاج، وقد مر ذكره غير مرة. الثالث: عدي بن ثابت الأنصاري الكوفي، سمع جده لأمه عبد الله بن زيد الأنصاري والبراء بن عازب وغيرهما من الصحابة، روى عنه الأعمش وشعبة وغيرهما، قال أحمد، ثقة: وقال أبو حاتم: صدوق وكان إمام مسجد الشيعة بالكوفة وقاضيهم، مات سنة ست عشرة ومائة، روى له الجماعة. الرابع: عبد الله بن يزيد بن حصين بن عمرو بن الحارث بن خطمة، واسمه عبد الله بن خيثم بن مالك بن أوس، أخي الخزرج ابني حارثة بن ثعلبة العنقاء، لطول عنقه، ابن عمرو مزيقيا ابن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرئ القيس البطريق بن ثعلبة البهلول بن مازن بن الأزد، الأنصاري الخطمي الصحابي، سكن الكوفة، وكان أميرا عليها، شهد
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»