عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٣٢٣
وتسعين روى له الجماعة. الخامس: جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك بن نضر بن ثعلبة البجلي الأحمسي، أبو عبد الله، أبو عمر، نزل الكوفة ثم تحول إلى قرقيسيا، وبها توفي سنة إحدى وخمسين، وقيل: غير ذلك، له مائة حديث، اتفقا منها على ثمانية، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بستة. كذا في (شرح قطب الدين) وفي (شرح النووي)، له مائتا حديث انفرد البخاري بحديث، وقيل: بستة ولعل صوابه: ومسلم بستة بدل: وقيل بستة. وقال الكرماني في (شرحه): لجرير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث ذكر البخاري منها تسعة وهذا غلط صريح، وكان قدومه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، سنة عشر في رمضان فبايعه وأسلم. وقيل: أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، بأربعين يوما، وكان يصلي إلى سنام البعير كانت صنمه ذراعا، واعتزل الفتنة، وكان يدعى يوسف هذه الأمة لحسنه، روى عنه بنوه: عبد الله والمنذر وإبراهيم، وابن ابنه أبو زرعة هرم، روى له الجماعة، وروى الطبراني في ترجمته أن غلامه اشترى له فرسا بثلاثمائة، فلما رآه جاء إلى صاحبه فقال؛ إن فرسك خير من ثلاثمائة، فلم يزل يزيده حتى أعطاه ثمانمائة. وقال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم. وليس في الصحابة جرير بن عبد الله البجلي، إلا هذا. ومنهم جرير بن عبد الله الحميري فقط، وقيل: ابن عبد الحميد، ومنهم جرير بن الأرقط، وجرير بن أوس الطائي، وقيل: جريم، وأبو جرير يروي حديثا عن ابن أبي ليلى عنه.
بيان الأنساب: البجلي: في كهلان، بفتح الجيم، ينسب إلى بجيلة بنت صعب بن سعد العشيرة بن مالك، وهو مذحج، كانت عند أنمار بن أراش بن الغوث بن نبت بن ملكان بن زيد بن كهلان فولده منها، وهم: عبقر والغوث وجهينة، ينسبون إليها، منهم: جرير بن عبد الله المذكور، قال الرشاطي: جرير بن عبد الله بن جابر، وهو الشليل بن مالك بن نضر بن ثعلبة بن جشم بن عريف بن خزيمة بن علي بن مالك بن سعد بن نذير بن قسر وهو مالك بن عبقر وهو ولد بجيلة، ذكره أبو عمرو ورفع نسبه. غير أنه قال في خزيمة: جزيمة، وفي علي: عدي، وكلاهما وهم وتصحيف، وكما ذكرناهما ذكره ابن الكلبي وابن حبيب وغيرهما. وقال ابن دريد: اشتقاق: البجيلة، من الغلظ، يقال: ثوب بجيل، أي: غليظ، و: رجل بجال، أيضا: إذا كان غليظا سمينا، وكل شيء عظمته وغلظته فقد بجلته. الأحمسي: بالحاء المهملة، في بجيلة: أحمس بن الغوث والغوث هذا ابن لبجيلة، كما ذكرنا من حمس الرجل: إذا شجع، وأيضا هاج وغضب، وهو حمس وأحمس: كرجل وأرجل، وفي ربيعة أيضا: أحمس بن ضبيعة بن ربيعة بن نزار، منهم المتلمس الشاعر، وهو: جرير بن عبد المسيح بن عبد الله بن زيد بن دوقن بن حرب بن وهب بن جلى بن أحمس بن ضبيعة.
بيان لطائف أسناده: منها: أن فيه التحديث بصيغة الجمع وبصيغة الإفراد والعنعنة، ولا يخفى الفرق بين الصيغتين. ومنها: أن رواته كلهم كوفيون ما خلا مسددا. ومنها: إن ثلاثة منهم، وهم: إسماعيل وقيس وجرير مكنون بأبي عبد الله. ومنها: أن هؤلاء الثلاثة كلهم بجليون. ومنها: أن الاثنين منهم إسماعيل وقيس تابعيان.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري هنا كما ترى، وأخرجه أيضا في الصلاة عن أبي موسى عن يحيى، وفي الزكاة عن محمد بن عبد الله عن أبيه، وفي البيوع عن علي عن سفيان، وفي الشروط عن مسدد أيضا عن يحيى، وأخرجه مسلم في الإيمان عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن نمير، وأبي أسامة عن يحيى به. وأخرجه الترمذي في البيعة عن محمد بن بشار عن يحيى به.
بيان اللغات والإعراب: قوله (بايعت)، من المبايعة، وهو عقد العهد، وهو فعل وفاعل و: (رسول الله)، كلام إضافي مفعوله. قوله (على إقام الصلاة) أصله: إقامة الصلاة، وإنما جاز حذف التاء لأن المضاف إليه عوض عنها، قد مر تفسير: إقامة الصلاة. قوله (وإيتاء الزكاة) أي: إعطائها قوله (والنصح) بالجر، عطف على المجرور قبله.
بيان المعاني: قوله (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم): كانت مبايعته عليه السلام لأصحابه في أوقات بحسب الحاجة إليها من: تحديد عهد أو توكيد أمر، فلذا اختلفت ألفاظها، كما سيأتي. وأخرجا من رواية الشعبي عن جرير رضي الله عنه، قال: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، فلقتني فيما استطعت، والنصح لكل مسلم). ورواه ابن حبان من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جده. وزاد فيه: (فكان جرير إذا اشترى وباع يقول لصاحبه: إعلم أن ما أخذنا منك أحب إلينا مما أعطيناكه، فاختر). قوله (فيما استطعت) روي بضم التاء وفتحها، قاله قطب الدين في (شرحه): ثم قال: فعلى الرفع يحتاج جرير
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 » »»