عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٣٠٣
اخمسهم، بالضم، إذا أخذت منهم خمس أموالهم، وأما: خمستهم أخمسهم، بالكسر، فمعناه: إذا كنت خامسهم، أو كملتهم خمسة بنفسك، وهو المراد من قوله تعالى: * (واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه) * (الأنفال: 41) وقد قيل: إنه روي هنا بفتح الخاء، وهي الخمس من الأعداد، وأراد بها قواعد الإسلام الخمس المذكورة في حديث: (بني الاسلام على خمس)، فهذا، وإن كان له وجه، ولكن فيه بعد، لأن الحج لم يذكر ههنا، ولأن غيره من القواعد قد تقدم ذكره، وههنا إنما ترجم الباب على أن أداء خمس الغنيمة من الإيمان. فإن قلت: ما وجه كونه من الإيمان؟ قلت: لما سأل الوفد عن الأعمال التي إذا عملوها يدخلون بها الجنة. فأجيبوا بأشياء من جملتها أداء الخمس، فأداء الخمس من الأعمال التي يدخل بها الجنة، وكل عمل يدخل به الجنة فهو من الإيمان، فأداء الخمس من الإيمان. فافهم.
1 - حدثنا علي بن الجعد قال أخبرنا شعبة عن أبي جمرة قال كنت اقعد مع ابن عباس يجلسني على سريره فقال أقم عندي حتى أجعل لك سهما من مالي فأقمت معه شهرين ثم قال إن وفد عبد القيس لما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم قال من القوم أو من الوفد قالوا ربيعة قال مرحبا بالقوم أو بالوفد غير حزايا ولا ندامى فقالوا يا رسول الله إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر الحرام وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر فمرنا بأمر فصل نخبر به من رواءنا وندخل به الجنة وسألوه عن الأشربة فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع أمرهم بالإيمان بالله وحده قال أتدرون ما الإيمان بالله وحده قالوا الله ورسوله أعلم قال شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وأن تعطوا من المغنم الخمس ونهاهم عن أربع عن الحنتم والدباء والنقير والمزفت وربما قال المقير وقال احفظوهن وأخبروا بهن من وراءكم.
مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة لأنه عقد الباب على جزء منه وهو قوله ' وإن تعطوا من المغنم خمسا ' فإن قلت لم عين هذا للترجمة دون غيره من الذي ذكره معه قلت عقد لكل واحد غيره بابا على ما تقدم (بيان رجاله) وهم أربعة الأول أبو الحسن علي بن الجعد بفتح الجيم ابن عبيد الجوهري الهاشمي مولاهم البغدادي سمع الثوري ومالكا وغيرهما من الاعلام وعنه أحمد والبخاري وأبو داود وآخرون وقال موسى بن داود ما رأيت احفظ منه وكان أحمد يحض على الكتابة منه وقال يحيى بن معين هو رباني العلم ثقة فقيل له هذا الذي كان منه أنه كان يتهم بالجهم فقال ثقة صدوق وقيل أن الذي كان يقول بالجهم ولده الحسن قاضي بغداد وبقي ستين سنة أو سبعين سنة يصوم يوما ويفطر يوما ولد سنة ست وثلاثون ومائة ومات سنة ثلاثين ومائتين ودفن بمقبرة باب حرب ببغداد. الثاني شعبة بن الحجاج وقد تقدم. الثالث أو جمرة بالجيم والراء واسمه نصر بن عمران بن عصام وقيل عاصم بن واسع الضبعي البصري سمع ابن عباس وابن عمر وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم وخلقا من التابعين وعنه أيوب وغيره من التابعين وغيرهم كان مقيما بنيسابور ثم خرج إلى مرو ثم إلى سرخس وبها توفي سنة ثمان وعشرين ومائة وثقته متفق عليها وقال ابن قتيبة مات بالبصرة وكان أبوه عمران رجلا جليلا قاضي البصرة واختلف في أنه صحابي لا وليس في الصحيحين من يكنى بهذه الكنية غيره ولا من اسمه جمرة بل ولا في باقي الكتب الستة أيضا ولا في الموطأ وفي كتاب الحياني أنه وقع في نسخة أبي ذر عن أبي الهيثم حمزة بالحاء المهملة والزاي وذلك وهم وما عداه أبو حمزة بالحاء والزاء وقد روى مسلم عن أبي حمزة بالحاء المهملة عن أبي عطاء القصاب بياع القصب الواسطي حديثا واحدا عن ابن عباس فيه ذكر معاوية وإرسال النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس خلفه وقال بعض الحفاظ يروي شعبة عن سبعة يروون عن ابن عباس كلهم أبو حمزة بالحاء والزاي إلا هذا ويعرف هذا من غيره منهم أنه إذا أطلق عن ابن عباس أبو حمزة فهو هذا وإذا أرادوا غيره ممن هو بالحاء قيدوه بالاسم والنسب
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»