إضافي، مبتدأ وخبره قوله: (تكتب له)، وقوله: (يعملها) جملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل الجر لأنها صفة: لحسنة. قوله: (إلى سبعمائة) في محل النصب على الحال، اى: منتهية إلى سبعمائة. قوله: (بمثلها) الباء فيه للمقابلة، والله أعلم.
32 ((باب أحب الدين إلى الله أدومه)) الكلام فيه من وجوه. الأول: قوله: باب، خبر مبتدأ محذوف غير منون إن اعتبرت إضافته إلى الجملة. وقوله: (أحب الدين) كلام إضافي مبتدأ، وخبره قوله: (أدومه). الثاني: وجه المناسبة بين البابين أن المذكور في الباب الأول حسن إسلام المرء، وهو: الامتثال بالأوامر والانتهاء عن النواهي، والشفقة على خلق الله تعالى، والمطلوب في هذا: المداومة والمواظبة، وكلما واظب العبد عليه وداوم زاد من الله محبة، لأن الله تعالى يحب مداومة العبد على العمل الصالح، وقال الكرماني: أحب الدين، أي: أحب العلم، إذ الدين هو الطاعة، ومناسبته لكتاب الإيمان من جهة أن الدين والإيمان والإسلام واحد. قلت: العجب منه كيف رضي بهذا الكلام، فالمناسبة لا تطلب إلا بين البابين المتواليين، ولا تطلب بين بابين أو بين كتاب وباب بينهما أبواب عديدة، وكذلك دعواه باتحاد الدين والإيمان والاسلام، والفرق بينهما ظاهر، وقد حققناه فيما مضى، وقال بعضهم: مراد المصنف الاستدلال على أن الإيمان يطلق على الأعمال، لأن المراد بالدين هنا: العمل، والدين الحقيقي هو الإسلام، والإسلام الحقيقي مرادف للإيمان، فيصح بهذا مقصوده.. ومناسبته لما قبله من قوله: عليكم بما تطيقون، لأنه لما قدم: إن الإسلام يحسن بالأعمال الصالحة، أراد أن ينبه على أن جهاد النفس في ذلك إلى حد المغالبة غير المطلوب. قلت: فيه نظر من وجوه. الأول: إن قوله: مراد المصنف الاستدلال على أن الإيمان يطلق على الأعمال غير صحيح، لأن الحديث ليس فيه ما يدل على هذا، والاستدلال بالترجمة ليس باستدلال يقوم به المدعي. فإن قلت: في الحديث ما يدل عليه، وهو قوله: أحب الدين إليه، فإن المراد ههنا من الدين العمل، وقد أطلق عليه الدين. قلت: هذا إنما يمشي إذا أطلق الدين المعهود المصطلح على العمل وليس كذلك فإن المراد بالدين ههنا الطاعة بالوضع الأصلي فإن لفظ الدين مشترك بين معاني كثيرة مختلفة. الدين: بمعنى العبادة، وبمعنى الجزاء، وبمعنى الطاعة، وبمعنى الحساب، وبمعنى السلطان، وبمعنى الملة، وبمعنى الورع، وبمعنى القهر، وبمعنى الحال، وبمعنى ما يتدين به الرجل، وبمعنى العبودية، وبمعنى الإسلام. وفي (المحكم): الدين: الإسلام. الثاني: أنه قال: الإسلام الحقيقي مرادف للإيمان، يعني كلاهما واحد، وقال: إن الإيمان يطلق على الأعمال، يشير به إلى أن الأعمال من الإيمان، ثم قال: إن الإسلام يحسن بالأعمال الصالحة، فكلامه يشير إلى أن الأعمال ليست من الإيمان، لأن الحسن من الأوصاف الزائدة على الذات، وهي غير الذات. فينتج من كلامه أن الإسلام يحسن بالإسلام، وهذا فاسد. الثالث: قوله: فيصح بهذا مقصوده، ومناسبته لما قبله غير مستقيم، لأنه لا يظهر وجه المناسبة لما قلبه مما قاله أصلا، وكيف يوجد وجه المناسبة من قوله: عليكم بما تطيقون، والترجمة ليست عليه، وإنما وجه المناسبة لما قبله ما ذكرت لك آنفا. فافهم. الوجه الثالث: قوله: (أحب الدين)، أحب ههنا أفعل لتفضيل المفعول، ومحبة الله تعالى للدين إرادة إيصال الثواب عليه. قوله: (أدومه) هو أفعل من الدوام، وهو شمول جميع الأزمنة أي: التأبيد. فإن قيل: شمول الأزمنة لا يقبل التفضيل، فما معنى الأدوم؟ أجيب: بأن المراد بالدوام هو الدوام العرفي، وذلك قابل للكثرة والقلة. فافهم.
43 حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى عن هشام قال أخبرني أبي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة قال من هذه قالت فلانة تذكر من صلاتها قال مه عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه.
(الحديث 43 طرفه: 1151).
مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة وهي قوله: (وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه) غير أنه غير لفظ: ما داوم عليه، ولكنه في المعنى مثله، ولهذا قال في الترجمة: إلى الله، بدل: إليه، وهي رواية المستملي وحده. وكذا في رواية عبدة عن هشام، وعند إسحاق بن راهويه في مسنده، وكذا للبخاري ومسلم من طريق أبي سلمة عن عائشة، رضي الله عنها، وهذه الروايات توافق الترجمة.