41 قال مالك أخبرنى زيد بن أسلم أن أبا سعيد الخدرى أخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أسلم العبد فحسن إسلامه يكفر الله عنه كل سيئة كان زلفها وكان يعد ذلك القصاص الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة لا تخفى.
بيان رجاله: وهم أربعة. الأول: مالك بن أنس، رحمه الله. الثاني: زيد بن أسلم، أبو اسامة القرشي المكي، مولى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه. الثالث: عطاء بن يسار، بفتح الياء آخر الحروف والسين المهملة، أبو محمد المدني، مولى ميمونة أم المؤمنين. الرابع: أبو سعيد سعد بن مالك الخدري، وقد مر ذكرهم.
بيان لطائف اسناده منها: أن رواته أئمة أجلاء مشهورون. ومنها: أنه مسلسل بلفظ الإخبار على سبيل الانفراد وهو القراءة على الشيخ إذا كان القارئ وحده، وهذا عند من فرق بين الإخبار والتحديث، وبين أن يكون معه غيره أولا يكون. ومنها: أن فيه التصريح بسماع الصحابي من النبي، صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو يدفع احتمال سماعه من صحابي آخر، فافهم.
بيان حكم الحديث: ذكره البخاري معلقا، ولم يوصله في موضع في الكتاب، والبخاري لم يدرك زمن مالك، فيكون تعليقا ولكنه بلفظ جازم، فهو صحيح ولا قدح فيه، وقال ابن حزم: إنه قادح في الصحة لأنه منقطع، وليس كما قال، لأنه موصول من جهات أخر صحيحة، ولم يذكره لشهرته، وكيف وقد عرف من شرطه وعادته أنه لا يجزم إلا بتثبت وثبوت؟ وليس كل منقطع يقدح فيه، فهذا، وإن كان يطلق عليه أنه منقطع بحسب الاصطلاح، إلا أنه في حكم المتصل في كونه صحيحا، وقد وصله أبو ذر الهروي في بعض النسخ فقال: أخبرنا النضروي، وهو العباس بن الفضل، ثنا الحسين بن إدريس، ثنا هشام بن خالد، ثنا الوليد بن مسلم، عن مالك به. وكذا وصله النسائي عن أحمد بن المعلى بن يزيد، عن صفوان بن صالح، عن الوليد بن مسلم، عن مالك بن زيد بن أسلم به. وقد وصله الإسماعيلي بزيادة فيه، فقال: أخبرني الحسن بن سفيان، ثنا حميد بن قتيبة الأسدي، قال: قرأت على عبد الله بن نافع الصانع أن مالكا اخبره قال: واخبرني عبد الله بن محمد بن مسلم أن أبا يونس بن عبد الأعلى حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير، ثنا عبد الله بن وهب أبا مالك ابن انس، واللفظ لابن نافع، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري ، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا اسلم العبد كتب الله له كل حسنة قدمها، ومحى عنه كل سيئة زلفها، ثم قيل له: أيتنف العمل الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة، والسيئة بمثلها، إلا أن يغفر الله). وكذا أوصله الحسن بن سفيان من طريق عبد الله بن نافع، والبزار من طريق إسحاق الفروي، والبيهقي في (الشعب) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، كلهم عن مالك. وقال الدارقطني في كتاب (غرائب مالك): اتفق هؤلاء التسعة: ابن وهب، والوليد بن مسلم، وطلحة بن يحيى، وزيد بن شعيب، وإسحاق الفروي، وسعيد الزبيري، وعبد الله بن نافع، وإبراهيم بن المختار، وعبد العزيز بن يحيى فرووه عن مالك عن زيد عن عطاء عن أبي سعيد، وخالفهم معن بن عيسى فرواه عن مالك عن زيد عن عطاء عن أبي هريرة، وهي رواية شاذة ورواه سفيان بن عيينة عن زيد بن اسلم عن عطاء مرسلا، وقد حفظ مالك الوصل فيه، وهو اتقن لحديث أهل المدينة من غيره، وقال الخطيب: هو حديث ثابت، وذكر البزار أن مالكا تفرد بوصله، وقال ابن بطال: حديث أبي سعيد أسقط البخاري بعضه، وهو حديث مشهور من رواية مالك في غير الموطأ، ونصه: (إذا أسلم الكافر فحسن إسلامه كتب الله له لكل حسنة كان زلفها، ومحى عنه كل سيئة كان زلفها). وذكر باقيه بمعناه.
بيان اللغات: قوله: (فحسن إسلامه) معنى: حسن الإسلام الدخول فيه بالظاهر والباطن جميعا، يقال في عرف الشرع: حسن إسلام فلان، إذا دخل فيه حقيقة، وقال ابن بطال: معناه ما جاء في حديث جبريل، عليه السلام: (الإحسان ان تعبد الله كأنك تراه)، فأراد مبالغة الإخلاص لله، سبحانه وتعالى، بالطاعة والمراقبة له. قوله: (يكفر الله) من التكفير وهو التغطية في المعاصي، كالإحباط في الطاعات، وقال الزمخشري: التكفير إماطة العقاب من المستحق بثواب