فالمراد الأعمال، فمن حافظ عليها فإيمانه أكمل من إيمان من قصر. قلت: هذه الآية لا تدل أصلا على زيادة الدين ولا على نقصانه، لأن المراد أكملت لكم شرائع دينكم، وتعليل ابن بطال على ما ادعاه دليل لما قلنا وحجة عليه، لأنه قال: لأنها نزلت يوم كملت الفرائض والسنن واستقر الدين، ولم يقل أحد إن الدين كان ناقصا إلى وقت نزول هذه الآية حتى أكمله في هذا اليوم، وإنما المراد إكمال شرائع الدين في هذا اليوم، لأن الشرائع نزلت شيئا فشيئا طول مدة النبوة، فلما كملت الشرائع قبض الله نبيه، عليه السلام، وهو أيضا صرح به بقوله: وليس المراد التوحيد، لوجوده قبل نزول الآية. فإن ادعى أن الأعمال من الإيمان فليس يتصور، لأنه يلزم أن يكون كمال الإيمان في هذا اليوم، وقبله كان ناقصا، لأن الشرائع التي هي الأعمال ما كملت إلا في هذا اليوم. وقال الزمخشري: * (أكملت لكم دينكم) * (المائدة: 3) كفيتكم أمر عدوكم وجعلت اليد العليا لكم، كما تقول الملوك: اليوم كمل لنا الملك وكمل لنا ما نريد، إذا كفوا من ينازعهم الملك ووصلوا إلى أغراضهم ومباغيهم، أو أكملت لكم ما تحتاجون إليه في تكليفكم من تعليم الحلال والحرام والتوقيف على الشرائع وقوانين القياس وأصول الاجتهاد.
1 - حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا هشام قال حدثنا قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير ويخرج من النار من قال لا غله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير.
مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة ولا سيما على مذهبه (بيان رجاله) وهم أربعة الأول مسلم بضم الميم وكسر اللام الخفيفة بن إبراهيم أبو عمرو الأزدي الفراهيدي مولاهم القصاب وقد يعرف بالشحام روى عنه البخاري وأبو داود وروى البقية عن رجل ولد سنة ثلاث وثلاثين ومائة بالبصرة لعشر ربقين من صفر سنة اثنتين وعشرين ومائتين وروى البقية عن رجل عنه ولد سنة ثلاث وثلاثين ومائة بالبصرة لعشر بقين من صفر سنة اثنتين وعشرين ومائتين وقال يحيى بن معين هو ثقة مأمون وقال أبو حاتم ثقة صدوق وقال أحمد بن عبد الله كان ثقة عمى بآخرة وكان سمع من سبعين امرأة. الثاني هشام بكسر الهاء بن أبي عبد الله واسم ابني عبد الله سندر الربعي البصري الدستوائي ويكنى بأبي بكر قال وكيع كان ثبتا وقال أبو داود الطيالسي كان أمير المؤمنين في الحديث وقال محمد بن سعد كان ثقة ثبتا في الحديث حجة إلا أنه كان يرى القدر وقال العجلي كان يقول كان يقول بالقدر ولم يكن يدعو إليه توفي سنة أربع وخمسين ومائة على قول روى له الجماعة الثالث قتادة بن دعامة وقد مر ذكره الرابع أنس بن مالك رضي الله عنه وقد مر أيضا بيان الأنساب الفراهيدي بفتح الفاء وبالراء والهاء المكسورة والياء آخر الحروف الساكنة والدال المهملة وقال ابن الآثير بالذال المعجمة بطن من الأزد ومنهم الخليل بن أحمد النحوي قلت هو فراهيد بن شبابة ابن مالك بن فهم ابن غنم بن دوس كذا قال ابن الكلبي فراهيد وقال ابن دريد بنوفرهود بن شبابة الذين يقال لهم الفراهيد والفرهود الغليظ من قولهم تفرهد هذا الغلام إذا سمن يقال غلام فرهود ولا يوصف به الرجل قال والفرهود ولد الأسد في لغة اودعمان وفي كتاب الجمهرة فرهود بن الحارث الذي من ولده الخليل بن أحمد النحوي وهو الفرهودي قال ومن قال الفراهيدي فأنما يريد الجمع كما يقال مهالبة والنسبة إليه بعد الجمع وقال أبو محمد وعلى شبابه وافقه ابن الكلبي وغيره وهو الصواب إن شاء الله تعالى وشبابه والحارث اخوان وقال أبو جعفر حكى قطرب ابن الفرهود هو الغلام الكبير قال وعن أبي عبيدة الفراهيد أولاد الوعول قال أبو جعفر والنسبة إليه فراهدي مثل مقابرى قال أبو محمد وهذا القول لم أره لغيره. الربعي بفتح الراء والباء الموحدة نسبة إلى ربيعة بن نذار بن معد بن عدنان وهو ربيعة الفرس وقال أبو محمد وربيعة بن نذار شعب واسع فيه قبائل وعمار وبطون وافخاذ فممن ينسب إليهم من الرواة هشام بن أبي عبد الله الدستوائي الربعي الدستوائي بفتح الدال واسكان السين المهملتين وبعدها تاء مثناة من فوق مفتوحة وآخره همزة.