عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٢٥٦
بيان رجاله: وهم خمسة. الأول: أبو موسى محمد بن المثنى البصري المعروف بالزمن، وقد مر في باب: حلاوة الإيمان. الثاني: يحيى بن سعيد القطان الأحول، وقد مر في باب من الإيمان أن يجب لأخيه. الثالث: هشام بن عروة. الرابع: أبوه عروة بن الزبير بن العوام، وقد مر ذكرهما في الحديث الثاني من الصحيح. الخامس: أم المؤمنين عائشة، رضي الله تعالى عنها، وقد مر ذكرها أيضا غير مرة.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في كتاب الصلاة، وقال فيه: (كانت عندي امرأة من بني أسد)، وسماها مسلم، لكن قال فيه: إن الحولاء بنت تويت بن حبيب بن أسد بن عبد العزى مرت بها وعندها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: هذه الحولاء بنت تويت، وزعموا أنها لا تنام الليل. فقال، عليه الصلاة والسلام: (خذوا من العمل ما تطيقون، فوالله لا يسأم الله حتى تسأموا) وذكر مالك في الموطأ، وفيه: (فقيل له هذه الحولاء لا تنام الليل، فكره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرفت الكراهية في وجهه)، وذكره مسلم من رواية الزهري عن عروة، ثم ذكر حديث هشام عن أبيه عروة كما أورده البخاري هنا، وفي الصلاة، وفيه: (أنه عليه السلام دخل عليها وعندها امرأة). وأخرجه النسائي في الإيمان والصلاة عن شعيب بن يوسف النسائي عن يحيى بن سعيد به. فإن قلت: قوله: (وعندها امرأة) هي الحولاء أو غيرها. قلت: يحتمل أن تكون هذه واقعة أخرى: إحداهما أنها مرت بها، والأخرى كانت عندها، ويحتمل أن تكون غيرها، لكن قول البخاري: وعندي امرأة من بني أسد، يدل على أنها الحولاء بنت تويت، ولكن الظاهر أن القصة واحدة دلت عليها رواية محمد بن إسحاق عن هشام في هذا الحديث: (مرت برسول الله، عليه السلام، الحولاء) أخرجه محمد بن نصر في كتاب (قيام الليل). وجه التوفيق أن يحمل على أنها كانت أولا عند عائشة، رضي الله عنها، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم قامت المرأة لتخرج فمرت به في خلال ذهابها، فسأل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبهذا اتفقت الروايات، و: الحولاء، بالحاء المهملة، تأنيث الأحول، وتويت، بضم التاء المثناة من فوق وفتح الواو وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره تاء مثناة من فوق أيضا، و: كانت الحولاء امرأة صالحة عابدة مهاجرة، رضي الله عنها.
بيان اللغات: قوله: (فلانة). أي: الحولاء الأسدية وهي غير منصرف، لأن حكمها حكم أعلام الحقائق: كأسامة، لأنها كناية عن كل علم مؤنث للأناس المؤنثة، ففيها العلمية والتأنيث. قوله: (مه) بفتح الميم وسكون الهاء وهي: اسم سمي به الفعل، وبنيت على السكون، ومعناه: اكفف، فإن وصلت نونته فقلت: مه مه، ويقال: مهمهت به، أي: زجرته. وقال التيمي: إذا دخله التنوين كان نكرة وإذا حذف كان معرفة، وهذا القسم من أقسام التنوين الذي يختص بالدخول على النكرة ليفصل بينها وبين المعرفة، فالمعرفة غير منون، والنكرة منون. قوله: (عليكم) أيضا من أسماء الأفعال، أي: الزموا من الأعمال ما تطيقون الدوام عليه. قوله: (لا يمل الله) من الملالة، وهي السآمة والضجر، وفي (الفصيح) في باب فعلت: مللت من الشئ أمل. وفي (المحكم): مللت الشيء مللا وملالا وملالة، وأملني وأمل علي: أبرمني، ورجل ملول وملالة وملولة وذو ملة، والأنثى ملول وملولة، ملول على المبالغة، وفي (الجامع): فأنت مال. قوله: (أحب الدين) أي: أحب الطاعة، ومنه في الحديث في صفة الخوارج: (يمرقون من الدين)، أي: من طاعة الأئمة، ويجوز أن يكون فيه حذف تقديره أحب أعمال الدين. وقال التيمي: فإن قلت: المراد بيمرقون من الدين: من الإيمان، لأنه ورد في رواية أخرى: (يمرقون من الإسلام). قلت: الخوارج غير خارجين من الدائرة بالاتفاق، فيحمل الإسلام على الاستسلام الذي هو الانقياد والطاعة. قوله: (داوم)، من المداومة وهي: المواظبة. قال الجوهري: المداومة على الأمر المواظبة عليه، وثلاثية: دام الشيء يدوم ويدام دوما ودواما وديمومة، وأدامه غيره، ودام الشيء: سكن.
بيان الإعراب: قوله: (دخل عليها)، جملة في محل الرفع على أنها خبر: أن، قوله: (وعندها امرأة) جملة اسمية وقعت حالا. قوله: (قال) هكذا بغير فاء رواية الأصيلي، وفي رواية غيره: (فقال) بالفاء العاطفة، ووجه الأول أن تكون جملة استثنائية، أعني: جواب سؤال مقدر، فكأن قائلا يقول: ماذا قال حين دخل؟ قالت: قال: من هذه؟ فقوله:
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»