عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٢٢٠
بالكذب. وفي نوادر أبي مسحل: قد كان ذلك ولا كذبا لك ولا تكذيب ولا كذبان ولا مكذبة ولا كذب ومعناه: لا أرد عليك، ولا أكذبك وفي (المنتهى) لأبي المعاني: فهو كذيب وكذبة مثل همزة، والكذب: جمع كاذب مثل: راكع وركع، والكذب جمع كذوب، مثل: صبور وصبر، وقرئ * (ولم تصف ألسنتكم الكذب) * (النحل: 116) جعله نعتا للألسنة، والأكذوبة الكذب، والأكاذيب الأباطيل من الحديث، وأكذبت الرجل ألفيته كاذبا، وأكذبته إذا أخبرته أنه جاء بالكذب، وكذبته إذا أخبرته أنه كاذب. وقال ثعلب: أكذبته وكذبته بمعنى: حملته على الكذب أو وجدته كاذبا. وقال الأصمعي: أكذبته أظهرت كذبه، وكذبته قلت له كذبت، والتكاذب نقيض التصادق، وفي (الجامع): كذب يكذب كذبا، مكسور الكاف ساكن الذال، والكذاب، مخفف جمع كاذب. وفي (الصحاح) فهو كاذب ومكذبان ومكذبانة، وفي (العباب) كذب، يكذب كذبا وكذبا وكذوبة وكاذبة ومكذوبة، زاد ابن الأعرابي: مكذبة وكذبانا، مثل عنوان، وكذبى مثل بشرى، ويقال: كذب كذابا ويقال كذب كذابا، بالضم والتشديد، أي: متناهيا. وقرأ عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه: * (وكذبوا بآياتنا كذابا) * (النبأ: 28) ويكون صفة على المبالغة: كوضاء وحسان، ورجل تكذاب وتصداق، أي: يكذب ويصدق. قوله: (وإذا وعد) قال ابن سيده: وعده الأمر وبه عدة، ووعدا، وموعودا وموعدة وموعدا وموعودة، وهو من المصادر التي جاءت على: مفعول ومفعولة، وقد تواعد القوم واتعدوا، وواعده الوقت والموضع، وواعده فوعده، وقد أوعده وتوعد، قال الفراء: يقال: وعدته خيرا ووعدته شرابا بإسقاط الألف. فإذا أسقطوا الخير والشر قالوا في الخير: وعدته، وفي الشر: أوعدته، وفي الخير الوعد والعدة، وفي الشر الإيعاد والوعيد. فإذا قالوا: أوعدته بالشر، أثبتوا الألف مع الياء. وقال ابن الأعرابي: أوعدته خيرا وهو نادر. وفي (الصحاح): تواعد القوم أي وعد بعضهم بعضا، وهذا في الخير. وأما في الشر فيقال: اتعدوا والإيعاد أيضا قبول الوعد، وناس يقولون: أيتعد يأتعد فهو مؤتعد بالهمزة، قال ابن البري: والصواب ترك الهمزة، وكذا ذكره سيبويه وجميع النحاة. قلت: الوعد في الاصطلاح الإخبار بإيصال الخير في المستقبل، والإخلاف جعل الوعد خلافا. وقيل: هو عدم الوفاء به. قوله: (وإذا اؤتمن)، على صيغة المجهول من الائتمان، وهو جعل الشخص أمينا، وفي بعض الروايات بتشديد التاء. وهو بقلب الهمزة الثانية منه واوا أو إبدال الواو ياء وإدغام الياء في التاء. قوله: (خان)، من الخيانة وهو التصرف في الأمانة على خلاف الشرع، وقال ابن سيده: هو أن يؤتمن الإنسان فلا ينصح، يقال: خانه خونا وخيانة وخانة ومخانة واختانه، ورجل خائن وخائنة وخون وخوان، الجمع: خانة وخونة، والأخيرة شاذة، وخوان، وقد خانه العهد والأمانة، وفي (التهذيب) للأزهري: رجل خائنة إذا بولغ في وصفه بالخيانة، وفي (الجامع) للقزاز: خان فلان فلانا يخونه من الخيانة، واصله من النقص.
بيان الإعراب: قوله: (آية المنافق)، كلام إضافي مبتدأ، و (ثلاث) خبره، فإن قلت: المبتدأ مفرد، والثلاث جمع، والتطابق شرط. والقياس: آيات المنافق ثلاث. قلت: لا نسلم أن الثلاث جمع، بل هو اسم جمع ولفظه مفرد، على أن التقدير: آية المنافق معدودة بالثلاث، وقال بعضهم: إفراد الآية إما على إرادة الجنس، أو أن العلامة إنما تحصل باجتماع الثلاث. قلت: كيف يراد الجنس والتاء تمنع ذلك، لأنها التاء فيها كالتاء في تمرة، فالآية والآي كالتمرة والتمر، وقوله: أو أن العلامة إنما تحصل باجتماع الثلاث، يشعر أنه إذا وجد فيه واحد من الثلاث لا يطلق عليه اسم المنافق، وليس كذلك، بل يطلق عليه اسم المنافق، غير أنه إذا وجد فيه الثلاث كلها يكون منافقا كاملا، ويؤيده حديث عبد الله بن عمرو الآتي عن قريب، على أن هذا القائل أخذ ما قاله من قول الكرماني، والكل مدخول فيه. قوله: (إذا حدث)، كلمة إذا، ظرف للمستقبل متضمنة معنى الشرط، ويختص بالدخول على الجملة الفعلية. وقال الكرماني: فإن قلت: الجمل الشرطية بيان لثلاث، أو بدل، لكن لا يصح أن يقال: الآية إذا حدث كذب، فما وجهه؟ قلت: معناه آية المنافق كذبه عند تحديثه، وذلك مثل قوله تعالى: * (فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا) * (آل عمران: 97) على أحد التوجيهات. قلت: تقرير كلامه أنه جعل قوله: إذا حدث كذب، بيانا لثلاث، ولذلك قدره بقوله: آية المنافق كذبه عند تحديثه، كما قدر نحوه في قوله تعالى: * (ومن دخله كان آمنا) * (آل عمران: 97) فإن تقديره: آيات بينات مقام إبراهيم وأمن من دخله. فإن قلت: كيف يصح بيان الجمع بالاثنين؟. قلت: إن الاثنين نوع من الجمع أو يكون الثالث مطويا. وقوله: لكن لا يصح أن يقال الآية إذا حدث كذب، أراد: أن البدل لا يصح لكون المبدل منه في حكم
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»