عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٢١٨
الاقرار والإنكار أو السكوت، فإن كان معه الإقرار وكان اختياريا فهو إيمان المقلد، وهو صحيح، خلافا للبعض. وإن كان اضطراريا فهذا يفرع على الصورة الأولى، فإن حكمنا هناك بالأيمان وجب أن نحكم ههنا بالنفاق، وهو القسم الخامس. السادس: أن يكون معه السكوت، فحكمه حكم القسم الثالث اضطراريا أو اختياريا. السابع: الانكار القلبي، فإما أن يوجد معه الإقرار أو الإنكار أو السكوت، فإن كان معه الإقرار فإن كان اضطراريا فهو منافق، وإن كان اختياريا فهو كفر الجحود والعناد، وهو أيضا قسم من النفاق وهو القسم الثامن. التاسع: أن يوجد الإنكار باللسان مع الإنكار القلبي، فهذا كافر. العاشر: القلبي الخالي فإن كان معه الإقرار فإن كان اختياريا يخرج من الكفر، وإن كان اضطراريا لم يكفر. الحادي عشر: القلب الخالي مع الإنكار باللسان فحكمه على العكس مع حكم القسم العاشر. الثاني عشر: القلب الخالي مع اللسان الخالي، فهذا إن كان في مهلة النظر فذاك هو الواجب، وإن كان خارجا عن مهلة النظر وجب تكفيره، ولا يحكم بالنفاق البتة؛ وقد ظهر من هذا النفاق الذي لا يطابق ظاهره باطنه، فافهم.
33 حدثنا سليمان أبو الربيع حدثنا إسماعيل بن جعفر قال حدثنا نافع بن مالك ابن أبي عامر أبو سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان.
مطابقة الحديث للترجمة ظاهرة.
بيان رجاله: وهم خمسة. الأول: سليمان أبو الربيع بن داود الزهراني العتكي، سكن بغداد، سمع من مالك حديثا، وسمع فليح بن سليمان وإسماعيل بن زكريا عندهما، وإسماعيل بن جندب عند البخاري، وجماعة كثيرة عند مسلم، روى عن البخاري ومسلم وأبو داود وأبو زرعة وأبو حاتم، وروى النسائي عن رجل عنه، وقال: ثقة. وقال يحيى بن معين وأبو حاتم وأبو زرعة: ثقة. توفي بالبصرة سنة أربع وثلاثين ومائتين. الثاني: إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري، أبو إبراهيم الزرقي، مولاهم المدني، قارىء أهل المدينة، أخو محمد ويحيى وكثير ويعقوب بني جعفر، سمع أبا سهيل نافعا وعبد الله بن دينار وغيرهما. قال يحيى: ثقة مأمون قليل الخطأ صدوق. وقال أبو زرعة وأحمد وابن سعد: ثقة، وقال ابن سعد: كان من أهل المدينة، قدم بغداد فلم يزل بها حتى مات. وهو صاحب خمس مائة حديث التي سمعها منه الناس توفي ببغداد سنة ثمانين ومائة، روى له الجماعة. الثالث: أبو سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر، ونافع أخو أنس والربيع وأويس، وهم عمومة مالك الإمام، سمع ابن مالك وأباه وعمر بن عبد العزيز والقاسم وابن المسيب وغيرهما روى عنه مالك وغيره، وقال أحمد وأبو حاتم: ثقة، روى له الجماعة. الرابع: أبو أنس مالك بن أبي عامر، جد مالك الإمام، والد أنس والربيع ونافع وأويس، حليف عثمان بن عبد الله أخي طلحة التيمي القرشي، سمع طلحة بن عبد الله عندهما، وعائشة عند البخاري وعثمان عند مسلم في الوضوء والبيوع. أما في الوضوء فمن طريق وكيع عن سفيان عن أبي أنس عن عثمان، رضي الله عنه. وأما في البيوع ففي باب الربا من حديث سليمان بن يسار عنه، فاستدرك الدارقطني وغيره الأول، فقال: خالف وكيعا أصحاب الثوري والحفاظ حيث رووه عن سفيان عن أبي النضر عن بسر بن سعيد عن عثمان، رضي الله عنه، وهو الصواب، وكذا قال الجياني: إن وكيعا توهم فيه، فقال: عن أبي أنس، إنما يرويه أبو النضر عن بسر بن سعيد عن عثمان. وقال مالك في (الموطأ) في الحديث الثاني: إنه بلغه عن جده عن عثمان، رضي الله عنه، وقال في الإيمان في حديث طلحة: إنه سمع طلحة بن عبيد الله، فأتى في طلحة بلفظ: سمعت، وكذا صرح به ابن سعد، وقال: وقد روى مالك بن أبي عامر عن عمر وعثمان وطلحة بن عبيد الله وأبي هريرة، وكان ثقة، وله أحاديث صالحة، وقال محمد بن سرور المقدسي: قال الواقدي: توفي سنة ثنتي عشرة ومائة، وهو ابن سبعين أو اثنتين وسبعين سنة، وكذا حكى عنه محمد بن طاهر المقدسي وأبو نصر الكلاباذي، وقال الحافظ زكي الدين المنذري: كيف يصح سماعه عن طلحة مع أنه توفي سنة ثنتي عشرة ومائة، وهو ابن سبعين واثنتين أو سبعين؟ فعلى هذا يكون مولده سنة أربعين من الهجرة، ولا خلاف أن طلحة قتل يوم الجمل سنة ست وثلاثين من الهجرة والإسناد صحيح، أخرجه الأئمة وفيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله. قلت: فلعل السبعين، صوابها: التسعين، وتصحفت بها، وقد ذكر أبو عمر النمري أنه توفي سنة مائة أو نحوها، فعلى هذا
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»