عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ٢١٤
وزعم أبو جعفر النحاس في كتاب (الاشتقاق) أنه من الغدر، وأن نونه زائدة، والمشهور في داله الفتح، وحكى الجوهري ضمها. مات سنة ثلاث وتسعين ومائة، قاله أبو داود، وقيل: سنة أربع، وقال ابن سعد: سنة أربع ومائتين. وقد تلقب عشرة أنفس بغندر. الخامس: سليمان بن مهران، أبو محمد الأسدي الكاهلي، مولاهم، الكوفي الأعمش. وكاهل هو أسد بن خزيمة، يقال: أصله من طبرستان من قرية يقال لها دباوند، بضم الدال المهملة وفتح الباء الموحدة وسكون الألف وفتح الواو وسكون النون وفي آخره دال مهملة، ولد بها الأعمش وجاء به أبوه حميلا إلى الكوفة، فاشتراه رجل من بني أسد فأعتقه، وقال الترمذي في (جامعة) في باب الاستتار عند الحاجة، عن الأعمش أنه قال: كان أبي حميلا فورثه مسروق. فالحميل على هذا أبوه، والحميل: الذي يحمل من بلده صغيرا ولم يولد في الإسلام، وظهر للأعمش أربعة ألآف حديث، ولم يكن له كتاب، وكان فصيحا لم يلحن قط، وكان أبوه من سبي الديلم، يقال: إنه شهد قتل الحسين، رضي الله عنه، وأن الأعمش ولد يوم قتل الحسين، يوم عاشوراء سنة إحدى وستين. وقال البخاري: ولد سنة ستين، ومات سنة ثمان وأربعين ومائة، رأى أنسا، قيل: وأبا بكرة، وروى عن عبد الله بن أبي أوفى، وقال الشيخ قطب الدين في (شرحه): رأى أنس بن مالك وعبد الله بن أبي أوفى ولم يثبت له سماع من أحدهما، وسمع أبا وائل ومعرورا ومجاهدا وإبراهيم النخعي والتيمي والشعبي وخلقا، روى عنه السبيعي وإبراهيم التيمي والثوري وشعبة ويحيى القطان وسفيان بن عيينة وخلق سواهم. وقال يحيى القطان: الأعمش من النساك المحافظين على الصف الأول، وكان علامة الإسلام، وقال وكيع: بقي الأعمش قريبا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى، وكان شعبة إذا ذكر الأعمش قال: المصحف المصحف، سماه المصحف لصدقه، وكان يسمى: سيد المحدثين، وكان فيه تشيع، ونسب إلى التدليس، وقد عنعن هذا الحديث عن إبراهيم، ولم ير في جميع الطرق التي فيها رواية الأعمش للبخاري ومسلم وغيرهما أنه صرح بالتحديث أو الإخبار إلا في رواية حفص بن غياث عن الأعمش، الحديث المذكور في رواية البخاري في قصة إبراهيم عليه السلام، على ما سيجيء إن شاء الله تعالى: فإن قلت: المعنعن إذا كان مدلسا لا يحمل حديثه على السماع، إلا أن يبين، فيقول: حدثنا، أو أخبرنا، أو سمعت، أو ما يدل على التحديث. قلت: قال ابن الصلاح وغيره: ما كان في الصحيحين من ذلك عن المدلسين: كالسفيانين والأعمش وقتادة وغيرهم، فمحمول على ثبوت السماع عند البخاري ومسلم من طريق آخر، وقد ذكر الخطيب عن بعض الحفاظ، أن الأعمش يدلس عن غير الثقة، بخلاف سفيان فإنه إنما يدلس عن ثقة. وإذا كان كذلك فلا بد أن يبين حتى يعرف، والله أعلم، روى له الجماعة. السادس: إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن ذهل بن سعد بن مالك بن النخع، النخعي أبو عمران الكوفي، فقيه أهل الكوفة، دخل على عائشة، رضي الله عنها، ولم يثبت منها له سماع. وقال العجلي: أدرك جماعة من الصحابة ولم يحدث من أحد منهم، وكان ثقة. مفتي أهل زمانه هو والشعبي، وسمع علقمة والأسود بن زيد وخالدا ومسروقا وخلقا كثيرا، روى عنه الشعبي ومنصور والأعمش وغيرهم، وكان أعور، وقال الشعبي: لما مات إبراهيم ما ترك أحدا أعلم منه ولا أفقه، فقيل له: ولا الحسن وابن سيرين؟ قال: ولا هما، ولا من أهل البصرة، ولا من أهل الكوفة والحجاز. وفي رواية: ولا بالشام. قال الأعمش: كان إبراهيم صيرفي الحديث، مات وهو مختف من الحجاج، ولم يحضر جنازته إلا سبعة أنفس سنة ست وتسعين، وهو ابن تسع، وقيل: ثمان وخمسين. قيل: ولد سنة ثمان وثلاثين، وقيل: سنة خمسين، فيكون على هذا توفي ابن ست وأربعين، روى له الجماعة. السابع: علقمة بن قيس بن عبد الله بن علقمة بن سلامان بن كهيل بن بكر بن عوف بن النخعي، أبو شبل الكوفي، عم الأسود وعبد الرحمن ابني يزيد، خالي إبراهيم بن يزيد النخعي لأن أم إبراهيم مليكة ابنة يزيد، وهي أخت الأسود وعبد الرحمن ابني يزيد، روى عن أبي بكر، رضي الله عنه، وسمع عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وجماعة من الصحابة، رضي الله عنهم، وروى عنه أبو وائل وإبراهيم النخعي ومحمد بن سيرين وغيرهم، اتفق على جلالته وتوثيقه، وقال إبراهيم النخعي: كان علقمة يشبه عبد الله بن مسعود. وقال أبو إسحاق: كان علقمة من الربانيين. وقال أبو قيس: رأيت إبراهيم آخذا بركاب علقمة. مات سنة اثنتين وستين، وقيل: وسبعين، ولم يولد له قط، روى له الجماعة إلا ابن ماجة. الثامن: عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، وقد مر ذكره في أول كتاب الإيمان. وفي الصحابة ثلاثة عبد لله بن مسعود أحدهم: هذا والثاني: أبو عمرو الثقفي، أخو أبي عبيدة، استشهد يوم الجسر. والثالث: غفاري، له حديث. وفيهم رابع: اختلف في اسمه فقيل: ابن مسعدة، وقيل: ابن مسعود الفزاري.
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»