العد بدون الهاء فهو: الماء الذي لا ينقطع، كماء العين وماء البئر. والعد أيضا: الكثرة. قوله: (عدة) مرفوع بقال، ويجوز فيه قال وقالت لأن التأنيث في عدة غير حقيقي، وكلمة من في قوله: (من أهل العلم) للبيان، قوله: (في قوله) يتعلق بقال، والخطاب في: * (فوربك) * (الحجر: 92) للنبي صلى الله عليه وسلم، والواو فيه للقسم، وقوله: * (لنسألنهم) * (الحجر: 92) جواب القسم مؤكدا باللام. قوله: * (عن قول) * (الحجر: 92) يتعلق بقوله: * (لنسألنهم) * أي: لنسألنهم عن كلمة الشهادة التي هي عنوان الإيمان، وعن سائر أعمالهم التي صدرت منهم. الثاني: أن الجماعة الذين ذهبوا إلى ما ذكره نحو أنس بن مالك وعبد الله بن عمر ومجاهد بن جبر رضي الله عنهم، وأخرج الترمذي مرفوعا، عن أنس: * (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) * (الحجر: 92) قال: (عن لا إله إلا الله) وفي إسناده ليث بن أبي سليم وهو ضعيف لا يحتج به، والذي روى عن ابن عمر في (التفسير) للطبري وفي كتاب (الدعاء) للطبراني، والذي روى عن مجاهد في تفسير عبد الرزاق وغيره. وقال النووي: في الآية وجه آخر وهو المختار، والمعنى لنسألنهم عن أعمالهم كلها التي يتعلق بها التكليف؛ وقول من خص بلفظ التوحيد دعوى تخصيص بلا دليل فلا تقبل ثم روى حديث الترمذي وضعفه، وقال بعضهم: لتخصيصهم، وجه من جهة التعميم في قوله: أجمعين، فيدخل فيه المسلم والكافر، فإن الكافر مخاطب بالتوحيد بلا خلاف، بخلاف باقي الأعمال ففيها الخلاف، فمن قال إنهم مخاطبون يقول: إنهم مسؤولون عن الأعمال كلها. ومن قال: إنهم غير مخاطبين، يقول: إنما يسألون عن التوحيد فقط، فالسؤال عن التوحيد متفق عليه، فحمل الآية عليه أولى بخلاف الحمل على جميع الأعمال لما فيها من الاختلاف. قلت: هذا القائل قصد بكلامه الرد على النووي، ولكنه تاه في كلامه، فإن النووي لم يقل بنفي التخصيص لعدم التعميم في الكلام، وإنما قال: دعوى التخصيص بلا دليل خارجي لا تقبل، والأمر كذلك غإن الكلام عام في السؤال عن التوحيد وغيره ثم دعوى التخصيص بالتوحيد يحتاج إلى دليل من خارج، فإن استدلوا بالحديث المذكور فقد أجاب عنه بأنه ضعيف، وهذا القائل فهم أيضا أن النزاع في أن التخصيص والتعميم هنا إنما هو من جهة التعميم هنا إنما هو من جهة التعميم في قوله: * (أجمعين) * (الحجر: 92) وليس كذلك، وإنما هو في قوله: * (عما كانوا يعملون) * (الحجر: 92) فإن العمل هنا أعم من أن يكون توحيدا أو غيره، وتخصيصه بالتوحيد تحكم قوله فيدخل فيه المسلم، والكافر غير مسلم، لأن الضمير في لنسألنهم، يرجع إلى المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين، وهم ناس مخصوصون. ولفظة أجمعين، وقعت توكيدا للضمير المذكور في النسبة مع الشمول في أفراده المخصوصين، ثم تفريع هذا القائل بقوله: فإن الكافر إلخ ليس له دخل في صورة النزاع على ما لا يخفى. الثالث: ما قيل: إن هذه الآية أثبتت السؤال على سبيل التوكيد القسمي، وقال في آية أخرى * (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه أنس ولا جان) * (الرحمن: 39) فنفت السؤال. وأجيب: بأن في القيامة مواقف مختلفة وأزمنة متطاولة، ففي موقف أو زمان يسألون وفي آخرلا يسألون سؤال استخبار بل سؤال توبيخ، وقال الزمخشري: في هذه الآية: لنسألهم سؤال تقريع، ويقال: قوله: * (لا يسأل عن ذنبه أنس ولا جان) * (الرحمن: 39) نظير قوله: * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * (الأنعام: 164، الإسراء: 15، فاطر: 18، والزمر: 7).
* (وقال لمثل هذا فليعمل العاملون) * (الصافات: 61) أي: قال الله تعالى لمثل هذا، والإشارة بهذا إلى قوله * (إن هذا لهو الفوز العظيم) * (الصافات: 60) وذكر هذه الآية لا يكون مطابقا للترجمة إلا إذا كان معنى قوله: * (فليعمل العاملون) * (الصافات: 61) فليؤمن المؤمنون، ولكن هذا دعوى تخصيص بلا دليل فلا تقبل، وإلى هذه الآية من قوله تعالى: * (فاقبل بعضهم على بعض يتساءلون) * (الصافات: 50) قصة المؤمن وقرينه، وذلك أنه كان يتصدق بماله لوجه الله، عز وجل، فاحتاج، فاستجدى بعض إخوانه، فقال: وأين مالك؟ قال: تصدقت به ليعوضني الله خيرا منه. فقال: أئنك لمن المصدقين بيوم الدين، أو: من المتصدقين لطلب الثواب، والله لا أعطيك شيئا. وقوله تعالى: * (أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون) * (الصافات: 53) حكاية عن قول القرين، ومعنى: لمدينون: لمجزيون من الدين، وهو الجزاء. وقوله: * (قال هل أنتم مطلعون) * (الصافات: 54) يعني: قال ذلك القائل: هل أنتم مطلعون إلى النار؟ ويقال: القائل هو الله تعالى، ويقال: بعض الملائكة يقول لأهل الجنة هل تحبون أن تطلعوا فتعلموا أين منزلتكم من منزلة أهل النار؟ وقوله: * (فاطلع) * (الصافات: 54) أي: فإن اطلع. قوله: * (في سواء الجحيم) * (الصافات: 55) أي: في وسطها. قوله: * (تالله إن كدت) * (الصافات: 56) إن مخففة من الثقيلة، وهي تدخل على: كاد كما تدخل على: كان، واللام، هي الفارقة بينها وبين النافية، والإرداء: الإهلاك، وأراد بالنعمة: العصمة والتوفيق والبراءة من قرين السوء، وإنعام الله بالثواب، وكونه من أهل الجنة. قوله: * (من المحضرين) * (الصافات: 11) أي: من الذين أحضروا العذاب. وقوله: * (إن هذا لهو الفوز العظيم) * (الصافات: 60) أي إن هذا الأمر الذي نحن فيه، ويقال: هذا من قول الله تعالى