عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ١٦٦
العلماء والصلحاء، ويشتمل على بخارى وعلى قراها ومزارعها سور واحد نحو اثني عشر فرسخا، في مثلها، وقال ابن حوقل: ورساتيق بخارى تزيد على خمسة عشر رستاقا، جميعها داخل الحائط المبني على بلادها، ولها خارج الحائط أيضا عدة مدن منها: فربر وغيرها. البيكندي: بباء موحدة مكسوة ثم ياء آخر الحروف ساكنة ثم كاف مفتوحة ثم نون ساكنة، نسبة إلى بيكند، بلدة من بلاد بخارى على مرحلة منها، خربت، ويقال: الباكندي أيضا، ويقال بالفاء أيضا: الفاكندي، وينسب إليها ثلاثة أنفس انفرد البخاري بهم، أحدهم: محمد بن سلام المذكور، وثانيهم: محمد بن يوسف، وثالثهم: يحيى بن جعفر الكلابي في قيس غيلان ينسب إلى: كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن غيلان.
(بيان لطائف أسناده): منها: أن فيه تحديثا وإخبارا وعنعنة، والإخبار في قوله: أخبرنا عبيدة بن سليمان، وفى رواية الأصيلي، حدثنا. ومنها: أن إسناده مشتمل على: بخاري وكوفي ومدني، ومنها: أن رواته أئمة أجلاء.
(بيان من أخرجه) هذا الحديث من أفراد البخاري عن مسلم، وهو من غرائب الصحيح، لا يعرف إلا من هذا الوجه، وهو مشهور عن هشام، فرد مطلق من حديثه، عن أبيه، عن عائشة.
(بيان اللغات) قوله: (بما يطيقون) من: أطاق يطيق إطاقة، وطوقتك الشيء أي: كلفتك به. قوله (كهيئتك) الهيئة الحالة والصورة، وفي (العباب) الهيئة الشاردة، وفلان حسن الهيئة، والهيئة بالفتح والكسر، والهيء على فيعل: الحسن الهيئة من كل شيء يقال: هاء يهاء هيئة. قوله: (إن الله قد غفر) الغفر في اللغة الستر. وفي (العباب): الغفر التغطية، والغفر والغفران والمغفرة واحد، ومغفرة الله لعبده إلباسه إياه العفو، وستر ذنوبه. قوله: (فيغضب) من غضب عليه غضبا ومغضبة أي: سخط، وقال ابن عرفة الغضب من المخلوقين شيء يداخل قلوبهم، ويكون منه محمود ومذموم، والمذموم ما كان في غير الحق، وأما غضب الله تعالى فهو إنكاره على من عصاه فيعاقبه. وقال الطحاوي، رحمه الله: إن الله يغضب ويرضى لا كأحد من الورى، قال في (العباب): وأصل التركيب يدل على شدة وقوة.
(بيان الإعراب) قوله: (رسول الله صلى الله عليه وسلم) اسم كان، وخبره قوله: إذا أمرهم، قوله: (قالوا) جواب: إذا، قوله: (لسنا كهيئتك)، ليس المراد نفي تشبيه ذواتهم بحالته عليه الصلاة والسلام، فلا بد من تأويل في أحد الطرفين، فقيل: المراد كهيئتك: كمثلك، أي: كذاتك، أو: كنفسك، وزيد لفظ الهيئة للتأكيد، نحو: مثلك لا يبخل أو التقدير في لسنا: ليس حالنا، فحذف الحال وأقيم المضاف إليه مقامه، واتصل الفعل بالضمير فقيل: لسنا، فالنون اسم ليس، وخبره قوله: كهيئتك، قوله: (ما تقدم) جملة في محل النصب على أنها مفعول غفر، وكلمة: من، بيانية وقوله: (وما تأخر) عطف عليه، والتقدير: وما تأخر من ذنبك. قوله: (فيغضب) على صورة المضارع، فهو وإن كان بلفظ المضارع ولكن المقصود حكاية الحال الماضية، واستحضار تلك الصورة الواقعة للحاضرين، وفي أكثر النسخ: فغضب، بلفظ الماضي، قوله: (حتى يعرف الغضب) على صيغة المجهول، والغضب مرفوع به، وإما يعرف فإنه منصوب بتقدير: أن، أي: حتى أن يعرف الغضب، والنصب هو الرواية، ويجوز فيه الرفع بأن يكون عطفا على: فيغضب، فافهم. قوله: (إن أتقاكم) أي: أكثركم تقوى وخشية من الله تعالى، واتقاكم: اسم إن، و: أعلمكم، عطف عليه، وقوله: أنا، خبره، وفي كتاب أبي نعيم: (وأعلمكم بالله لأنا) بزيادة لام التأكيد.
(بيان المعاني): قوله: (إذا أمرهم من الأعمال) أي: إذا أمر الناس بعمل أمرهم بما يطيقون ظاهره أنه كان يكلفهم بما يطاق فعله، لكن السياق دل على أن المراد أنه يكلفهم بما يطاق الدوام على فعله، ووقع في معظم الروايات: (كان إذا أمرهم أمرهم من الأعمال) بتكرار أمرهم، وفي بعضها أمرهم مرة واحدة، وهو الذي وقع في طرق هذا الحديث من طريق عبدة، وكذا من طريق ابن نمير وغيره، عن هشام عند أحمد، وكذا ذكره الإسماعيلي من رواية أبي أسامة، عن هشام ولفظه: (كان إذا أمر الناس بالشيء قالوا)، والمعنى على التكرير: كان إذا أمرهم بعمل من الأعمال أمرهم بما يطيقون الدوام عليه، فأمرهم: الثاني يكون جواب الشرط. فإن قلت: فعلى هذا ما يكون قوله: قالوا؟ قلت: يكون جوابا ثانيا. قوله
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»