روى النسائي عن رجل عنه ولم يرو له مسلم شيئا، وقال البخاري في (تاريخه) مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مرعبل ولم يزد على هذا، وكذا مسلم في كتاب الكنى، غير أنه قال: مغربل بدل مرعبل، وقال أبو علي الخالدي الهروي: مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن مرعبل بن ارندل إلى آخر ما ذكرناه. قلت: فالخمسة الأول على لفظ صيغة المفعول، ومسدد من التسديد، وسرهدته من سرهتده أي: أحسنت غداءه وسمنته، ومسربل من سربلته أي: ألبسته القميص، ومغربل من غربلته أي: قطعته، ومرعبل من رعبلته أي: مزقته، والثلاثة الأخيرة لعلها عجميات، وهي بالدال المهملة والنون، وعرندل بالعين المهملة، وبالعجمة هو الأصح. الثاني: يحيى بن سعيد بن فروخ، بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة وفي آخره خاء معجمة، غير منصرف للعلمية والعجمة، القطان الأحول التيمي، مولاهم البصري، يكنى أبا سعيد، الإمام الحجة المتفق على جلالته وتوثيقه وتميزه في هذا الشأن، سمع: يحيى الأنصاري ومحمد بن عجلان وابن جريج والثوري وابن أبي ذئب ومالكا وشعبة وغيرهم، روى عنه: الثوري وابن عيينة وشعبة وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد ويحيى بن معين وعلي بن المديني وإسحاق بن راهويه وأبو بكر بن أبي شيبة وآخرون. قال يحيى بن معين: أقام يحيى بن سعيد عشرين سنة يختم القرآن في كل يوم وليلة، ولم يفته الزوال في المسجد أربعين سنة. وقال إسحاق الشهيدي: كنت أرى يحيى القطان يصلي العصر ثم يستند إلى أصل منارة مسجده، فيقف بين يديه: علي ابن المديني والشاذكوني وعمرو بن علي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهم يسألونه عن الحديث وهم قيام على أرجلهم إلى أن تحين صلاة المغرب، ولا يقول لأحد منهم إجلس، ولا يجلسون هيبة له. ولد سنة عشرين ومائة، وتوفي سنة، ثمان وتسعين ومائة، روى له الجماعة. الثالث: شعبة، بضم الشين المعجمة، ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، أمير المؤمنين في الحديث، وقد تقدم. الرابع: قتادة بن دعامة، بكسر الدال، بن قتادة بن عزيز، بزاي مكررة مع فتح العين، ابن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن سدوس، بفتح السين المهملة، ابن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بالباء الموحدة ابن صعب بن بكر بن وائل السدوسي البصري التابعي، سمع: أنس بن مالك وعبد الله سرجس وأبا الطفيل عامر من الصحابة، وسمع: سعيد بن المسيب والحسن وأبا عثمان النهدي ومحمد بن سيرين وغيرهم، روى عنه: سليمان التيمي وأيوب السختياني والأعمش وشعبة والأوزاعي وخلق كثير، أجمع على جلالته وحفظه وتوثيقه واتقانه وفضله، ولد أعمى، وقال الزمخشري في (الكشاف): يقال: لم يكن في هذه الأمة أكمه غير قتادة، أي: ممسوح العين، غير قتادة السدوسي صاحب التفسير، توفي بواسط سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: ثماني عشرة ومائة، وهو ابن ست وخمسين أو: سبع وخمسين. روى له الجماعة، وليس في الكتب الستة من اسمه: قتادة، من التابعين وتابعيهم غيره. الخامس: حسين بن ذكوان المكتب المعلم البصري، سمع: عطاء بن أبي رباح وقتادة وآخرين، روى عنه: شعبة وابن المبارك ويحيى القطان. قال يحيى بن معين وأبو حاتم: ثقة، روى له الجماعة. السادس: أنس بن مالك بن النضر، بالنون والضاد المعجمة الساكنة، ابن ضمضم، بضادين معجمتين مفتوحتين، ابن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصاري، يكنى أبا حمزة، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، خدمه عشر سنين، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألفا حديث ومائتا حديث وست وثمانون حديثا، اتفقا على مائة وثمانية وستين حديثا منها، وانفرد البخاري بثلاثة وثمانين حديثا، ومسلم بأحد وتسعين حديثا. وكان أكثر الصحابة ولدا. وقالت أمه: يا رسول الله خويدمك أنس ادع الله له فقال: اللهم بارك في ماله ولده، وأطل عمره، واغفر ذنبه. فقال: لقد دفنت من صلبي مائة، إلا اثنين، وكان له بستان يحمل في سنة مرتين وفيه ريحان يجيء منه ريح المسك، وقال: لقد بقيت حتى سئمت من الحياة وأنا أرجو الرابعة، قيل: عمر مائة سنة وزيادة، وهو آخر من مات من الصحابة بالبصرة، وغسله محمد بن سيرين سنة ثلاث وتسعين زمن الحجاج، ودفن في قصره على نحوفرسخ ونصف من البصرة: ويقال: إنما كني بأبي حمزة بالحاء المهملة ببقلة كان يحبها. روى له الجماعة.
(بيان لطائف إسناده) منها: أن رواته كلهم بصريون، فوقع له من الغرائب أن أسناد هذا كلهم بصريون، وأسناد الباب الذي قبله كلهم كوفيون، والذي قبله كلهم مصريون، فوقع له التسلسل في الأبواب الثلاثة على الولاء. ومنها: أن فيه التحديث والعنعنة. ومنها: أن هذا إسنادان موصولان. أحدهما: عن مسدد عن يحيى عن شعبة عن قتادة عن أنس