قال والأشبه أن يكون صبغ الثياب لأنه أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم صبغ ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه صبغ شعره قال القاضي عياض هذا أظهر الوجهين والا فقد جاءت آثار عن ابن عمر بين فيها تصفير ابن عمر لحيته واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصفر لحيته بالورس والزعفران رواه أبو داود وذكر أيضا في حديث آخر احتجاجه بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبغ بها ثيابه حتى عمامته قوله (ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهل أنت حتى يكون يوم التروية) وقال ابن عمر في جوابه (وأما الاهلال فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته) أما يوم التروية فبالتاء المثناة فوق وهو الثامن من ذي الحجة سمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء أي يحملونه معهم من مكة إلى عرفات ليستعملوه في الشرب وغيره وأما فقه المسألة فقال المازري أجابه ابن عمر بضرب من القياس حيث لم يتمكن من الاستدلال بنفس فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسألة بعينها فاستدل بما في معناه ووجه قياسه أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أحرم عند الشروع في أفعال الحج والذهاب إليه فأخر ابن عمر الاحرام إلى حال شروعه في الحج وتوجهه إليه وهو يوم التروية فإنهم حينئذ يخرجون من مكة إلى منى ووافق ابن عمر على هذا الشافعي وأصحابه وبعض أصحاب مالك وغيرهم وقال آخرون الأفضل أن يحرم من أول ذي الحجة ونقله القاضي عن أكثر الصحابة والعلماء والخلاف في الاستحباب وكل منهما جائز بالاجماع والله أعلم قوله (ابن قسيط) هو يزيد بن عبد الله بن قسيط بقاف مضمومة وسين مهملة مفتوحة واسكان الياء
(٩٦)