فتحت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فكلامه في تضعيفه صحيح ودليله ما ذكرته وأما استدلاله لضعفه بعدم فتح العراق ففاسد لأنه لا يمتنع أن يخبر به النبي صلى الله عليه وسلم به لعلمه بأنه سيفتح ويكون ذلك من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم والاخبار بالمغيبات المستقبلات كما أنه صلى الله عليه وسلم وقت لأهل الشام الجحفة في جميع الأحاديث الصحيحة ومعلوم أن الشام لم يكن فتح حينئذ وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بفتح الشام واليمن والعراق وأنهم يأتون إليهم يبسون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وأنه صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه زويت له مشارق الأرض ومغاربها وقال سيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها وأنهم سيفتحون مصر وهي أرض يذكر فيها القيراط وأن عيسى عليه السلام ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق وكل هذه الأحاديث في الصحيح وفي الصحيح من هذا القبيل ما يطول ذكره والله أعلم وأجمع العلماء على أن هذه المواقيت مشروعة ثم قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد والجمهور هي واجبة لو تركها وأحرم بعد مجاوزتها أثم ولزمه دم وصح حجه وقال عطاء والنخعي لا شئ عليه وقال سعيد بن جبير لا يصح حجه وفائدة المواقيت أن من أراد حجا أو عمرة حرم عليه مجاوزتها بغير احرام ولزمه الدم كما ذكرنا قال أصحابنا فان عاد إلى الميقات قبل التلبس بنسك سقط عنه الدم وفي المراد بهذا النسك خلاف منتشر وأما من لا يريد حجا ولا عمرة فلا يلزمه الاحرام لدخول مكة على الصحيح من مذهبنا سواء دخل لحاجة تتكرر كحطاب وحشاش وصياد ونحوهم أولا تتكرر كتجارة وزيارة ونحوهما وللشافعي قول ضعيف أنه يجب الاحرام بحج أو عمرة ان دخل مكة أو غيره من الحرم لما يتكرر بشرط سبق بيانه في أول كتاب الحج وأما من مر بالميقات غير مريد دخول الحرم بل لحاجة دونه ثم بدا له أن يحرم فيحرم من موضعه الذي بدا له فيه فان جاوزه بلا احرام ثم أحرم أثم ولزمه الدم وان أحرم من الموضع الذي بدا له أجزأه ولا دم عليه ولا يكلف الرجوع إلى الميقات هذا مذهبنا ومذهب الجمهور وقال أحمد وإسحاق يلزمه الرجوع إلى الميقات
(٨٢)