عن أكثر الرواة قال ورواه عبد الوارث عن أيوب عن نافع عن ابن عمر العليا المتعففة بالعين من العفة ورجح الخطابي هذه الرواية قال لأن السياق في ذكر المسألة والتعفف عنها والصحيح الرواية الأولى ويحتمل صحة الروايتين فالمنفقة أعلى من السائلة والمتعففة أعلى من السائلة وفي هذا الحديث الحث على الانفاق في وجوه الطاعات وفيه دليل لمذهب الجمهور أن اليد العليا هي المنفقة وقال الخطابي المتعففة كما سبق وقال غيره العليا الآخذة والسفلى المانعة حكاه القاضي والله أعلم والمراد بالعلو علو الفضل والمجد ونيل الثواب قوله صلى الله عليه وسلم (وخير الصدقة عن ظهر غنى) معناه أفضل الصدقة ما بقي صاحبها بعدها مستغنيا بما بقي معه وتقديره أفضل الصدقة ما أبقت بعدها غنى يعتمده صاحبها ويستظهر به على مصالحه وحوائجه وإنما كانت هذه أفضل الصدقة بالنسبة إلى من تصدق بجميع ماله لأن من تصدق بالجميع يندم غالبا أو قد يندم إذا احتاج ويود أنه لم يتصدق بخلاف من بقي بعدها مستغنيا فإنه لا يندم عليها بل يسر بها وقد اختلف العلماء في الصدقة بجميع ماله فمذهبنا أنه مستحب لمن لا دين عليه ولا له عيال لا يصبرون بشرط أن يكون ممن يصبر على الإضاقة والفقر فإن لم تجتمع هذه الشروط فهو مكروه قال القاضي جوز جمهور العلماء وأئمة الأمصار الصدقة بجميع ماله وقيل يرد جميعها وهو مروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقيل ينفذ في الثلث هو مذهب أهل الشام وقيل إن زاد على النصف ردت الزيادة وهو محكى عن مكحول قال أبو جعفر والطبري ومع جوازه فالمستحب أن لا يفعله وأن يقتصر على الثلث قوله صلى الله عليه وسلم (وابدأ بمن تعول) فيه تقديم نفقة نفسه وعياله لأنها منحصرة فيه بخلاف نفقة غيرهم وفيه الابتداء بالأهم فالأهم
(١٢٥)