والمذهبان الأولان فاسدان لأن الكراهة إنما تثبت بنهي الشرع ولم يثبت فيه نهى وقولهم إنه اسم من أسماء الله تعالى ليس بصحيح ولم يصح في شئ وإن كان قد جاء فيه أثر ضعيف وأسماء الله تعالى توقيفية لا تطلق الا بدليل صحيح ولو ثبت أنه اسم لم يلزم منه كراهة وهذا الحديث المذكور في الباب صريح في الرد على المذهبين ولهذا الحديث نظائر كثيرة في الصحيح في اطلاق رمضان على الشهر من غير ذكر الشهر وقد سبق التنبيه على كثير منها في كتاب الايمان وغيره والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين فقال القاضي عياض رحمه الله تعالى يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن تفتيح أبواب الجنة وتغليق أبواب جهنم وتصفيد الشياطين علامة لدخول الشهر وتعظيم لحرمته ويكون التصفيد ليمتنعوا من ايذاء المؤمنين والتهويش عليهم قال ويحتمل أن يكون المراد المجاز ويكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وان الشياطين يقل اغواؤهم وايذاؤهم ليصيرون كالمصفدين ويكون تصفيدهم عن أشياء دون أشياء ولناس دون ناس ويؤيد هذه الرواية الثانية فتحت أبواب الرحمة وجاء في حديث آخر صفدت مردة الشياطين قال القاضي ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنة عبارة عما يفتحه الله تعالى لعباده من الطاعات في هذا الشهر التي لا تقع في غيره عموما كالصيام والقيام وفعل الخيرات والانكفاف عن كثير من المخالفات وهذه أسباب لدخول الجنة وأبواب لها وكذلك تغليق أبواب النار وتصفيد الشياطين عبارة عما ينكفون عنه من المخالفات ومعنى صفدت غللت والصفد بفتح الفاء الغل بضم الغين وهو معنى سلسلت في الرواية الأخرى هذا كلام القاضي أو فيه أحرف بمعنى كلامه وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال (وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يوما) قوله صلى الله عليه وسلم (لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فان أغمي عليكم
(١٨٨)