في هذا الاستحباب المولود في حال ولادته وبعدها وفيه الندب إلى حسن المعاشرة واللين والتواضع والرفق بالصغار وغيرهم وفيه مقصود الباب وهو أن بول الصبي يكفي فيه النضح وقد اختلف العلماء في كيفية طهارة بول الصبي والجارية على ثلاثة مذاهب وهي أوجه لأصحابنا الصحيح المشهور المختار أنه يكفي النضح في بول الصبي ولا يكفي في بول الجارية بل لابد من غسله كسائر النجاسات والثاني أنه يكفي النضح فيهما والثالث لا يكفي النضح فيهما وهذان الوجهان حكاهما صاحب التتمة من أصحابنا وغيره وهما شاذان ضعيفان وممن قال بالفرق علي بن أبي طالب وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وجماعة من السلف وأصحاب الحديث وابن وهب من أصحاب مالك رضي الله عنهم وروى عن أبي حنيفة وممن قال بوجوب غسلهما أبو حنيفة ومالك في المشهور عنهما وأهل الكوفة واعلم أن هذا الخلاف إنما هو في كيفية تطهير الشئ الذي بال عليه الصبي ولا خلاف في نجاسته وقد نقل بعض أصحابنا اجماع العلماء على نجاسة بول الصبي وأنه لم يخالف فيه الا داود الظاهري قال الخطابي وغيره وليس تجويز من جوز النضح في الصبي من أجل أن بوله ليس بنجس ولكنه من أجل التخفيف في ازالته فهذا هو الصواب وأما ما حكاه أبو الحسن بن بطال ثم القاضي عياض عن الشافعي وغيره أنهم قالوا بول الصبي طاهر فينضح فحكاية باطلة قطعا وأما حقيقة النضح هنا فقد اختلف أصحابنا فيها فذهب الشيخ أبو محمد الجويني والقاضي حسين والبغوي إلى أن معناه أن الشئ الذي أصابه البول يغمر بالماء كسائر النجاسات بحيث لو عصر لا يعصر قالوا وأنما يخالف هذا غيره في أن غيره يشترط عصره على أحد الوجهين وهذا لا يشترط بالاتقاق وذهب امام الحرمين والمحققون إلى أن النضح أن يغمر ويكاثر بالماء مكاثرة لا يبلغ جريان الماء وتردده وتقاطره بخلاف المكاثرة في غيره فإنه يشترط فيها أن يكون بحيث يجرى بعض الماء ويتقاطر من لمحل وان لم يشترط عصره وهذا هو الصحيح المختار ويدل عليه قولها فنضحه ولم يغسله وقولها فرشه أي نضحه والله أعلم ثم أن النضح إنما يجزى ما دام الصبي يقتصر به على الرضاع أما إذا أكل الطعام على جهة التغذية فإنه يجب الغسل بلا خلاف والله أعلم
(١٩٥)