استعمال ألفاظ الكنايات فيما يتحاشى من التصريح به فإنه صلى الله عليه وسلم قال لا يدري أين باتت يده ولم يقال فلعل يده وقعت على دبره أو ذكره أو نجاسة أو نحو ذلك وإن كان هذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم ولهذا نظائر كثيرة في القرآن العزيز والأحاديث الصحيحة وهذا إذا علم أن السامع يفهم بالكناية المقصود فإن لم يكن كذلك فلا بد من التصريح لينفي اللبس والوقوع في خلاف المطلوب وعلى هذا يحمل ما جاء من ذلك مصرحا به والله أعلم هذه فوائد من الحديث غير الفائدة المقصودة هنا وهي النهي عن غمس اليد في الاناء قبل غسلها وهذا مجمع عليه لكن الجماهير من العلماء المتقدمين والمتأخرين على أنه نهى تنزيه لا تحريم فلو خالف وغمس لم يفسد الماء ولم يأثم الغامس وحكى أصحابنا عن الحسن البصري رحمه الله تعالى أنه ينجس إن كان قام من نوم الليل وحكوه أيضا عن إسحاق بن راهويه ومحمد بن جرير الطبري وهو ضعيف فان الأصل في الماء واليد الطهارة فلا ينجس بالشك وقواعد الشرع متظاهرة على هذا ولا يمكن أن يقال الظاهر في اليد النجاسة وأما الحديث فمحمول على التنزيه ثم مذهبنا ومذهب المحققين أن هذا الحكم ليس مخصوصا بالقيام من النوم بل المعتبر فيه الشك في نجاسة اليد فمتى شك في نجاستها كره له غمسها في الاناء قبل غسلها سواء قام من نوم الليل أو النهار أو شك في نجاستها من غير نوم وهذا مذهب جمهور العلماء وحكى عن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى رواية أنه إن قام
(١٨٠)