الذي ذكرناه وفي حديث جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها رواه أبو داود والترمذي وغيرهما واسناده حسن وبحديث مروان الأصغر قال رأيت ابن عمر رضي الله عنهما أناخ راحلته مستقبل القبلة ثم جلس يبول إليها فقلت يا أبا عبد الرحمن أليس قد نهى عن هذا فقال بلى إنما نهى عن ذلك في الفضاء فإذا كان بينك وبين القبلة شئ يسترك فلا بأس رواه أبو داود وغيره فهذه أحاديث صحيحة مصرحة بالجواز في البنيان وحديث أبي أيوب وسلمان وأبي هريرة وغيرهم وردت بالنهي فيحمل على الصحراء ليجمع بين الأحاديث ولا خلاف بين العلماء أنه إذا أمكن الجمع بين الأحاديث لا يصار إلى ترك بعضها بل يجب الجمع بينها والعمل بجميعها وقد أمكن الجمع على ما ذكرناه فوجب المصير إليه وفرقوا بين الصحراء والبنيان من حيث المعنى بأنه يلحقه المشقة في البنيان في تكليفه ترك القبلة بخلاف الصحراء فهذا وأما من أباح الاستدبار فيحتج على رد مذهبه بالأحاديث الصحيحة المصرحة بالنهي عن الاستقبال والاستدبار جميعا كحديث أبي أيوب وغيره والله أعلم (فرع) في مسائل تتعلق باستقبال القبلة لقضاء الحاجة على مذهب الشافعي رضي الله عنه إحداها المختار عند أصحابنا أنه إنما يجوز الاستقبال والاستدبار في البنيان إذا كان قريبا من ساتر من جدران ونحوها من حيث يكون بينه وبينه ثلاثة أذرع فما دونها وبشرط آخر وهو أن يكون الحائل مرتفعا بحيث يستر أسافل الانسان وقدروه باخرة الرحل وهي نحو ثلثي ذراع فان زاد ما بينه وبينه على ثلاثة أذرع أو قصر الحائل عن اخرة الرحل فهو حرام كالصحراء الا إذا كان في بيت بني لذلك فلا حجر فيه كيف كان قالوا ولو كان في الصحراء وتستر بشئ على الشرط المذكور زال التحريم فالاعتبار بوجود الساتر المذكور وعدمه فيحل في الصحراء والبنيان بوجوده ويحرم فيهما لعدمه هذا هو الصحيح المشهور عند أصحابنا ومن أصحابنا من اعتبر الصحراء والبنيان مطلقا ولم يعتبر الحائل فأباح في البنيان بكل حال وحرم في الصحراء بكل حال والصحيح الأول وفرعوا عليه فقالوا لا فرق بين أن يكون الساتر دابة أو جدار أو وهدة أو كثيب رمل أو جبلا ولو أرخى ذيله في قبالة القبلة ففي حصول الستر وجهان لأصحابنا أصحهما عندهم وأشهرهما أنه ساتر لحصول الحائل والله أعلم المسألة الثانية حيث جوزنا الاستقبال والاستدبار قال جماعة من أصحابنا هو مكروه ولم يذكر الجمهور الكراهة والمختار أنه لو كان عليه مشقة في تكلف التحرف عن القبلة
(١٥٥)