يكون في القرون التي تأتي بعد القرن الأول من يفضلهم على ما دلت عليه الآثار قال القاضي وقد ذهب إلى هذا أيضا غيره من المتكلمين على المعاني قال وذهب معظم العلماء إلى خلاف هذا وأن من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ورآه مرة من عمره وحصلت له مزية الصحبة أفضل من كل من يأتي بعد فان فضيلة الصحبة لا يعدلها عمل قالوا وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم لو أنفق أحد كم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه هذا كلام القاضي والله أعلم قوله (لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم) أما بين ظهري فمعناه بينهما وهو بفتح الظاء واسكان الهاء وأما الدهم فجمع أدهم وهو الأسود والدهمة السواد وأما البهم فقيل السود أيضا وقيل البهم الذي لا يخالط لونه لونا سواه سواء كان أسود أو أبيض أو أحمر بل يكون لونه خالصا وهذا قول ابن السكيت وأبي حاتم السختياني وغيرهما قوله صلى الله عليه وسلم (وأنا فرطهم على الحوض) قال الهروي وغيره معناه أنا أتقدمهم على الحوض يقال فرط القوم إذا تقدمهم ليرتاد لهم الماء ويهئ لهم الدلا والرشا وفي هذا الحديث بشارة لهذه الأمة زادها الله تعالى شرفا فهنيئا لمن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فرطه قوله صلى الله عليه وسلم (أناديهم ألا هلم) معناه تعالوا قال أهل اللغة في هلم لغتان أفصحهما هلم للرجل والرجلين والمرأة والجماعة من الصنفين بصيغة واحدة وبهذه اللغة جاء القرآن في قوله تعالى هلم شهداءكم والقائلين لإخوانهم هلم الينا واللغة الثانية هلم يا رجل وهلما يا رجلان وهلموا يا رجال وللمرأة هلمي وللمرأتان هلمتا وللنسوة هلمن قال ابن السكيت وغيره الأولى أفصح كما قدمناه قوله صلى الله عليه وسلم (فأقول سحقا سحقا) هكذا هو في الروايات سحقا سحقا
(١٣٩)