في عليكم والمراد بالدار على هذين الوجهين الأخيرين الجماعة أو أهل الدار وعلى الأول مثله أو المنزل وأما قوله صلى الله عليه وسلم وانا أن شاء الله بكم لاحقون فأتى بالاستثناء مع أن الموت لا شك فيه وللعماء فيه أقوال أظهرها أنه ليس للشك ولكنه صلى الله عليه وسلم قاله للتبرك وامتثال أمر الله تعالى في قوله ولا تقولن لشئ اني فاعل ذلك غدا الا أن يشاء الله والثاني حكاه الخطابي وغيره أنه عادة للمتكلم يحسن به كلامه والثالث أن الاستثناء عائد إلى اللحوق في هذا المكان وقيل معناه إذ شاء الله وقيل أقوال أخر ضعيفة جدا تركتها لضعفها وعدم الحاجة إليها منها قول من قال الاستثناء منقطع راجع إلى استصحاب الايمان وقول من قال كان معه صلى الله عليه وسلم مؤمنون حقيقة وآخرون يظن بهم النفاق فعاد الاستثناء إليهم وهذان القولان وان كانا مشهورين فيهما خطأ ظاهر والله أعلم قوله صلى الله عليه وسلم (وددت أنا قد رأينا إخواننا قالوا أو لسنا اخوانك يا رسول الله قال بل أنتم أصحابي واخواننا الذين لم يأتوا بعد) قال العلماء في هذا الحديث جواز التمني لا سميا في الخير ولقاء الفضلاء وأهل الصلاح والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم وددت أنا قد رأينا إخواننا أي رأيناهم في الحياة الدنيا قال القاضي عياض وقيل المراد تمنى لقائهم بعد الموت قال الإمام الباجي قوله صلى الله عليه وسلم بل أنتم أصحابي ليس نفيا لإخوتهم ولكن ذكر مرتبتهم الزائدة بالصحبة فهؤلاء اخوة صحابة والذين لم يأتوا اخوة ليسوا بصحابة كما قال الله تعالى إنما المؤمنون اخوة قال القاضي عياض ذهب أبو عمرو بن عبد البر في هذا الحديث وغيره من الأحاديث في فضل من يأتي آخر الزمان إلى أنه قد يكون فيمن يأتي بعد الصحابة من هو أفضل ممن كان من جملة الصحابة وأن قوله صلى الله عليه وسلم خيركم قرني على الخصوص معناه خير الناس قرني أي السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ومن سلك مسلكهم فهؤلاء أفضل الأمة وهم المرادون بالحديث وأما من خلط في زمنه صلى الله عليه وسلم وان رآه وصحبه أو لم يكن له سابقة ولا أثر في الدين فقد
(١٣٨)