والى هذا نحا القاضي الباجي قال القاضي عياض ومعناه عندي أن يكون ذلك عبارة عن نضارته وحسنه واستعارة لجماله وأما العواتق فجمع عاتق قال أهل اللغة هو ما بين المنكب والعنق وفيه لغتان التذكير والتأنيث والتذكير أفصح وأشهر قال صاحب المحكم ويجمع العاتق على عواتق كما ذكرنا وعلى عتق وعتق باسكان التاء وضمها وأما طواف عيسى عليه السلام فقال القاضي عياض رحمه الله ان كانت هذه رؤيا عين فعيسى حي لم يمت يعنى فلا امتناع في طوافه حقيقة وإن كان مناما كما نبه عليه ابن عمر رضي الله عنهما في روايته فهو محتمل لما تقدم ولتأويل الرؤيا قال القاضي وعلى هذا يحمل ما ذكر من طواف الدجال بالبيت وأن ذلك رؤيا إذ قد ورد في الصحيح أنه لا يدخل مكة ولا المدينة مع أنه لم يذكر في رواية مالك طواف الدجال وقد يقال إن تحريم دخول المدينة عليه إنما هو في زمن فتنته والله أعلم وأما المسيح فهو صفة لعيسى صلى الله عليه وسلم وصفة للدجال فأما عيسى فاختلف العلماء في سبب تسميته مسيحا قال الواحدي ذهب أبو عبيد والليث إلى أن أصله بالعبرانية مشيحا فعربته العرب وغيرت لفظه كما قالوا موسى واصله موشى أو ميشا بالعبرانية فلما عربوه غيروه فعلى هذا لا اشتقاق له قال وذهب أكثر العلماء إلى أنه مشتق وكذا قال غيره انه مشتق على قول الجمهور ثم اختلف هؤلاء فحكى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لأنه لم يمسح ذا عاهة الا برئ وقال إبراهيم وابن الأعرابي المسيح الصديق وقيل لكونه ممسوح أسفل القدمين لا أخمص له وقيل لمسح زكريا إياه وقيل لمسحه الأرض أي قطعها وقيل لأنه خرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن وقيل لأنه مسح بالبركة حين ولد وقيل لان الله تعالى مسحه أي خلقه خلقا حسنا وقيل غير ذلك والله أعلم وأما الدجال فقيل سمى بذلك لأنه ممسوح العين وقيل لأنه أعور والأعور يسمى مسيحا وقيل لمسحه الأرض حين خروجه وقيل غير ذلك قال القاضي ولا خلاف عند أحد من الرواة في اسم عيسى انه بفتح الميم وكسر السين مخففة واختلف في الدجال فأكثرهم يقوله مثله ولا فرق بينهما في اللفظ ولكن عيسى صلى الله عليه وسلم مسيح هدى والدجال مسيح ضلالة ورواه بعض الرواة مسيح بكسر الميم والسين المشددة وقاله غير واحد كذلك الا أنه بالخاء المعجمة وقاله بعضهم بكسر الميم وتخفيف السين والله أعلم وأما تسمية الدجال فقد تقدم بيانها في شرح المقدمة وأما قوله صلى الله عليه وسلم
(٢٣٤)