الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد) أما ليوشكن فهو بضم الياء وكسر الشين ومعناه ليقربن وقوله فيكم أي في هذه الأمة وإن كان خطابا لبعضها ممن لا يدرك نزوله وقوله صلى الله عليه وسلم (حكما) أي ينزل حاكما بهذه الشريعة لا ينزل نبيا برسالة مستقلة وشريعة ناسخة بل هو حاكم من حكام هذه الأمة والمقسط العادل يقال أقسط يقسط أقساطا فهو مقسط إذا عدل والقسط بكسر القاف العدل وقسط يقسط قسطا بفتح القاف فهو قاسط إذا جار وقوله صلى الله عليه وسلم (فيكسر الصليب) معناه يكسره حقيقة ويبطل ما يزعمه النصارى من تعظيمه وفيه دليل على تغيير المنكرات وآلات الباطل وقتل الخنزير من هذا القبيل وفيه دليل للمختار من مذهبنا ومذهب الجمهور أنا إذا وجدنا الخنزير في دار الكفر أو غيرها وتمكنا من قتله قتلناه وابطال لقول من شذ من أصحابنا وغيرهم فقال يترك إذا لم يكن فيه ضراوة وأما قوله صلى الله عليه وسلم (ويضع الجزية) فالصواب في معناه أنه لا يقبلها ولا يقبل من الكفار الا الاسلام ومن بذل منهم الجزية لم يكف عنه بها بل لا يقبل الا الاسلام أو القتل هكذا قاله الإمام أبو سليمان الخطابي وغيره من العلماء رحمهم الله تعالى وحكى القاضي عياض رحمه الله عن بعض العلماء معنى هذا ثم قال وقد يكون فيض المال هنا من وضع الجزية وهو ضربها على جميع الكفرة فإنه لا يقاتله أحد فتضع الحرب أوزارها وانقياد جميع الناس له اما بالاسلام واما بالقاء يد فيضع عليه الجزية ويضربها وهذا كلام القاضي وليس بمقبول والصواب ما قدمناه وهو أنه لا يقبل منه الا الاسلام فعلى هذا قد يقال هذا خلاف حكم الشرع اليوم فان الكتابي إذا بذل الجزية وجب قبولها ولم يجز قتله ولا اكراهه على الاسلام وجوابه ان هذا الحكم ليس بمستمر إلى يوم القيامة بل هو مقيد بما قبل عيسى عليه السلام وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث الصحيحة بنسخة وليس عيسى عليه السلام هو الناسخ بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو المبين للنسخ فان عيسى يحكم بشرعنا فدل على أن الامتناع من قبول الجزية في ذلك الوقت هو شرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم (ويفيض المال) فهو بفتح الياء ومعناه يكثر وتنزل البركات وتكثر الخيرات بسبب العدل
(١٩٠)