فبينا أنا أطوف السوق إذا رجل نصراني جاء بطعام يبيعه يوق من يدل على كعب بن مالك فطفق الناس يشيرون له إلى فأتاني وأتاني بصحيفة من ملك غسان فإذا فيها اما عبد فإنه بلغني ان صاحبك قد جفاك وأقصاك ولست بدار مضيعة ولا هوان فالحق بنا نواسيك فقلت هذا أيضا من البلاء والشر فسجرت لها التنور وأحرقتها فيه فلما مضت أربعون ليلة إذا رسول من النبي صلى الله عليه وسلم قد أتاني فقال اعتزل امرأتك فقلت أطلقها قال لا ولكن لا تقربنها فجاءت امرأة هلال فقالت يا رسول الله ان هلال بن أمية شيخ ضعيف فهل تأذن لي ان أخدمه قال نعم ولكن لا يقربنك قالت يا نبي الله ما به حركة لشئ ما زال مكبا يبكى الليل والنهار منذ كان من أمره ما كان قال كعب فلما طال على البلاء اقتحمت على أبى قتادة حائطه وهو ابن عمى فسلمت عليه فلم يرد على فقلت أنشدك الله يا أبا قتادة أتعلم انى أحب الله ورسوله فسكت ثم قلت أنشدك الله يا أبا قتادة أتعلم انى أحب الله ورسوله قال الله ورسوله أعلم قال فلم أملك نفسي ان بكيت ثم اقتحمت الحائط خارجا حتى إذا مضت خمسون ليلة من حين نهى النبي صلى الله عليه وسلم الناس عن كلامنا صليت على ظهر بيت لنا صلاة الفجر ثم جلست وانا في المنزلة التي قال الله عز وجل قد ضاقت علينا الأرض بما رحبت وضاقت علينا أنفسنا إذ سمعت نداء من ذروة سلع ان أبشر يا كعب بن مالك فخررت ساجدا وعرفت ان الله قد جاءنا بالفرج ثم جاء رجل يركض على فرس يبشرني فكان الصوت أسرع من فرسه فأعطيته ثوبي بشارة ولبست ثوبين آخرين وكانت توبتنا نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم ثلث الليل فقالت أم سلمة عشيتئذ يا نبي الله ألا نبشر كعب بن مالك قال إذا يحطمنكم الناس ويمنعونكم النوم سائر الليلة وكانت أم سلمة محسنة محتسبة في شأني تحزن بأمري فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو جالس في المسجد وحوله المسلمون وهو يستنير كاستنارة القمر وكان إذا سر بالامر استنار فجئت فجلست بين يديه فقال أبشر يا كعب بن مالك بخير يوم أتى عليك منذ يوم ولدتك أمك قلت يا نبي الله أمن عند الله أو من عندك قال بل من عند الله عز وجل ثم تلا عليهم لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار حتى إذا بلغ ان الله هو التواب الرحيم قال وفينا نزلت أيضا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين فقلت يا نبي الله ان من توبتي ان لا أحدث الا صدقا وان انخلع من مالي كله صدقة إلى الله عز وجل والى رسوله فقال أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك قلت فانى أمسك سهمي الذي بخيبر قال فما أنعم الله عز وجل على نعمة بعد الاسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صدقته أنا وصاحباي أن لا نكون كذبنا فهلكنا كما هلكوا انى لأرجو أن لا يكون الله
(٣٨٩)