علفها أو المرسلة شغلها تقممها تكترش من أعلافها وتلهو عما يراد بها أو أترك سدى أو أهمل عابثا أو أجر حبل الضلالة أو اعتسف طريق المتاهة وكأني بقائلكم يقول:
إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران ومنازلة الشجعان، ألا وإن الشجرة البرية أصلب عودا والرواتع الخضرة أرق جلودا والنابتات العذبة أقوى وقودا وأبطأ خمودا، وأنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كالصنو من الصنو والذراع من العضد والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها ولو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها وسأجهد في أن أطهر الأرض من هذا الشخص المعكوس والجسم المركوس حتى تخرج المدرة من بين حب الحصيد.
إليك عني يا دنيا فحبلك على غاربك قد أنسللت من مخالبك وأفلت من حبائلك وأجتنبت الذهاب في مداحضك، أين القرون الذين غررتهم بمداعبك أين الأمم الذين فتنتهم بزخارفك، فها هم رهائن القبور ومضامين اللحود، والله لو كنت شخصا مرئيا وقالبا حسيا لأقمت عليك حدود الله في عباد غررتهم بالأماني أمم ألقيتهم في المهاوي وملوك أسلمتهم إلى التلف وأوردتهم موارد البلاء إذ لا ورد ولا صدر! هيهات من وطئ دحضك زلق ومن ركب لججك غرق ومن ازور عن حبالك وفق والسالم منك لا يبالي إن ضاق به مناخه والدنيا عنده كيوم حان انسلاخه، اعزبي عني فوالله لا أذل لك فتستذليني ولا أسلس لك فتقوديني، وأيم الله - يمينا أستثني فيها بمشية الله - لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما وتقنع بالملح مأدوما ولأدعن مقلتي كعين ماء نضب معينها مستفرغة دموعها أتمتلئ السائمة من رعيها فتبرك وتشبع الربيضة من عشبها فتربض ويأكل على من زاده فيهجع قرت إذا عينه إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة والسائمة المرعية، طوبى لنفس أدت إلى ربها فرضها وعركت بجنبها بؤسها وهجرت في الليل غمضها حتى إذا غلب الكرى عليها افترشت أرضها وتوسدت كفها في معشر أسهر