ثم إن ظاهر أكثر العبائر اعتبار اتحاد لفظ الجميع في صدق المستفيض، ولكن مقتضى إطلاق آخرين وصنيع جمع من الأواخر منهم سيد الرياض وشيخ الجواهر (1) عدم الاعتبار فيتحقق الصدق باتحاد المعنى وإن تعددت الألفاظ، فهو كالمتواتر ينقسم إلى لفظي ومعنوي حسبما مر، ويسمى المستفيض بالمشهور أيضا لوضوحه، ذكر ذلك في مقدمات الذكرى.
فائدة: الأظهر أن الخبر المستفيض من الأخبار الآحاد وهو الذي صرح به ثاني الشهيدين في البداية، وهو مقتضى مقابلة الأصحاب بينه وبين المتواتر في كتب الاستدلال تارة وترقيهم عنه إلى المتواتر أخرى، ولا نمنع من حصول العلم من المستفيض بضميمة القرائن الداخلة والخارجة.
ومنها: الغريب بقول مطلق وهو على ما صرح به جمع، هو الخبر الذي انفرد بروايته في الطبقات جميعا أو بعضها واحد في أي موضع من السند وقع التفرد به، أوله كان، أو وسطه، أو آخره وإن تعدد الرواة في سائر طبقات السند. ويأتي توضيح القول فيه في الفصل الخامس إن شاء الله تعالى.
الفصل الرابع: إنه قد اصطلح المتأخرون من أصحابنا بتنويع خبر الواحد باعتبار اختلاف أحوال رواته في الاتصاف بالإيمان والعدالة والضبط وعدمها بأنواع أربعة: هي أصول الأقسام وإليها يرجع الباقي من الأقسام، وقد يزاد في التقسيم بتقسيم كل إلى أعلى وغيره وقد يزاد على الأدنى أنه كالأعلى، فيقال مثلا الحسن كالصحيح أو كالموثق، والقوي كالحسن ونحو ذلك، وقد زعم القاصرون من الأخباريين اختصاص هذا الاصطلاح بالمتأخرين الذين أولهم العلامة (ره) على ما حكاه جمع منهم الشيخ البهائي (ره) في مشرق الشمسين، أو ابن طاووس كما حكاه بعضهم، فأطالوا التشنيع عليهم بأنه اجتهاد منهم وبدعة وأن الدين هدم به كانهدامه بالسقيفة ونحو ذلك، ولكن الخبير المتدبر يرى أن ذلك جهل منهم وعناد لوجود أصل الاصطلاح عند القدماء، ألا ترى إلى قولهم: لفلان كتاب صحيح، وقولهم: أجمعت العصابة على