تصحيح ما يصح عن فلان، وقول الصدوق (ره) " كل ما صححه شيخي فهو عندي صحيح " وقولهم: فلان ضعيف، وضعيف الحديث، ونحو ذلك. فالصادر من المتأخرين تغيير الاصطلاح إلى ما هو أضبط وأنفع تسهيلا للضبط وتمييزا لما هو المعتبر منها عن غيره، وما كان تغيير ببدعة وضلالة، كيف ولو كان مثل ذلك من البدعة والضلال لورد ذلك على جميع اصطلاحات العلماء وتقسيماتهم في الأصول والفروع، والضرورة قاضية ببطلانه، مع أن البدعة المذمومة الموصوفة بكونها ضلالة هو الحدث في الدين وما ليس له أصل من كتاب ولا سنة، وجعل الاصطلاح وضبط الأقسام الموجودة في الخارج المندرجة تحت عنوان كلي منضبط مشروع ليس منها جزما، على أن الصحيح والضعيف كان مستعملا في ألسنة القدماء أيضا، غاية ما هناك أنهم كانوا يطلقون الصحيح على كل حديث اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه مثل وجوده في كثير من الأصول الأربعمائة وتكرره في أصل وأصلين فصاعدا بطرق متعددة أو وجوده في أصل أحد من الجماعة الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم كصفوان ونظائره، أو على تصديقهم كزرارة، ومحمد بن مسلم وفضيل بن يسار، أو على العمل بروايتهم كعمار الساباطي ونظائره ممن عدهم الشيخ في كتاب العدة أو وجوده في أحد الكتب المعروضة على الأئمة عليهم السلام فأثبوا على مؤلفيها، ككتاب عبيد الله الحلبي المعروض على الصادق عليه السلام وكتابي يونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان المعروضين على العسكري عليه السلام، أو كونه مأخوذا من أحد الكتب التي شاع بين سلفهم الوثوق بها والاعتماد عليها، ككتاب الصلاة لحريز بن عبد الله السجستاني، وكتب ابني سعيد وعلي بن مهزيار وكتاب حفص بن غياث القاضي (العامي) وأمثالها، ونحو ذلك مما يفيد الاقتران به صحة الحديث حتى أن الشيخ في العدة جعل من جملة القرائن المفيدة لصحة الأخبار أشياء:
منها " موافقتها لأدلة العقل ومقتضها، ومنها: مطابقة الخبر لنص الكتاب إما خصوصه أو عمومه أو دليله أو فحواه، ومنها: كون الخبر موافقا للسنة المقطوع بها من جهة التواتر، ومنها: موافقة الخبر لما أجمعت الفرقة المحقة عليه - إلى أن قال - فهذه القرائن كلها تدل على صحة متضمن أخبار الآحاد ولا تدل على صحتها في نفسها