يقطعونه عن الإضافة فيقولون: مولى كإبراهيم بن عبد الحميد الأسدي مولاهم، وربما يقولون مولى فلان ثم مولى فلان كأحمد بن رباح بن أبي نصر السكوني مولى، وأيوب بن الحر الجعفي مولى، وثعلبة بن ميمون مولى بني أسد ثم مولى بني سلامة.
وإذ قد عرفت ذلك فاعلم أن للفظ المولى معاني في اللغة والاصطلاح.
أما في اللغة فله معان كثيرة، فإنه يطلق على المالك والعبد والمعتق بالكسر والمعتق بالفتح، والصاحب، والقريب كابن العم ونحوه، والجار والحليف، والابن، والعم، والنزيل، والشريك وابن الأخت والولي والرب، والناصر، والمنعم والمنعم عليه، والمحب، والتابع، والصهر.
واما في اصطلاح أهل الرجال، فقد يطلق على غير العربي الخالص ولعله الأكثر كما عن الشهيد الثاني - رحمه الله -. واستظهره المولى الوحيد في التعليقة قال - رحمه الله -: " فعلى هذا لا يحمل على معنى إلا بالقرينة ومع انتفائها فالراجح لعله الأول ".
قلت: وجه رجحان الأول بناء على شيوع إطلاقه عليه واستعماله فيه، ظاهر لانصراف الإطلاق حينئذ إليه.
والذي يظهر لي أن المولى حيث يطلق من غير إضافة يراد به العربي غير الخالص لعدم تمامية شئ من بقية المعاني من غير إضافة، فإطلاقه من غير إضافة وإرادة أحدها مجاز لا يصار إليه، بخلاف العربي غير الخالص، فإن المعنى معه تام من غير إضافة فيتعين حمله عليه، والله العالم.
وكيف كان فلا تفيد هذا اللفظة مدحا يعتد به في أي من معانيه استعمل، نعم لو استعمل في المصاحب والملازم والمملوك ونحوهما لم يبعد إفادته المدح، فيما إذا أضيف إلى المعصوم أو محدث ثقة جليل، وذما إذا أضيف إلى ملحد أو فاسق نظرا إلى أن الطبع مكتسب من كل مصحوب.
ومنها لفظ " الغلام ": فإنه كثيرا ما وقع استعماله في الرجال، فيقال: إن فلانا من غلمان فلان، قيل: والمراد به المتأدب عليه والمتلمذ على يده كما صرحوا به في كثير من التراجم كما في بكر بن محمد بن حبيب أبي عثمان المازني، فإنهم ذكروا فيه أنه من غلمان إسماعيل بن ميثم لكونه تأدب عليه.