دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١٦١
مقام الحاجة إليه.
قال: " وحيث إن الغرض منه ذلك، لم ينقل فيه في الغالب ما كتب في أصل أو كتاب آخر لتحفظه هناك، ولم يكن فيه من كلام الجامع أو غيره إلا قليل مما يتعلق بأصل المقصود. وهذا بخلاف الكتاب - إلى أن قال في بيان معنى النوادر: - انه وإن شارك الأصل فيما ذكرناه، إلا أن المجتمع فيه قليل من الأحاديث غير المثبتة في كتاب. فمرة هي من سنخ واحد، فيقال: إنه من نوادر الصلاة والزكاة مثلا، وأخرى من أصناف مختلفة. فيقتصر على أنه نوادر أو كتاب نوادر ". فقيد القلة محتاج إليه للتميز عن الأصل، كما صرح به المولى الوحيد بقوله في التعليقة: " وأما النوادر فالظاهر أنه ما اجتمع فيه أحاديث لا تنضبط في باب لقلته بأن يكون واحدا أو متعددا لكن يكون قليلا جدا، ومن هذا قولهم في الكتب المتداولة: نوادر الصلاة ونوادر الزكاة وأمثال ذلك ".
وأما ما ذكره بعضهم من أن المراد بالنوادر ما قلت روايته وندر العمل به، فهو اشتباه منشأه جعل النوادر بمعنى الخبر النادر الشاذ المفسر بذلك.
ويرده وضوح كون جملة من الأخبار المسطورة في باب النوادر شايع الرواية والعمل، فإن ذلك قرينة على أن المراد بالنوادر ما ذكره الوحيد لا ما ذكره هذا البعض.
ويؤيد ذلك أن كتاب نوادر الحكمة للثقة الجليل محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري، كتاب ممدوح معتمد عليه.
وكذا يؤيده تفسير المجلسي - رحمه الله - في باب نادر من الفقيه بقوله هناك:
" أي مشتمل على أخبار مختلفة متفرقة لا يصلح كل منها لعقد باب مفرد له ".
نعم يشهد للبعض قول المفيد - رحمه الله - في رسالته في الرد القائلين بأن شهر رمضان لا ينقض: " فأما ما تعلق به أصحاب العدد من أن شهر رمضان لا يكون أقل من ثلاثين يوما، فهي أحاديث شاذة. وقد طعن نقلة الآثار من الشيعة في سندها وهي مثبتة في كتب الصيام في أبواب النوادر، والنوادر هي التي لا عمل عليها "، فإنه صريح في تفسير باب النوادر بما ذكره البعض. فتأمل جيدا.
ثم إن الحاصل من ذلك كله أن الكتاب أعم من الجميع مطلقا
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»