ويحرموا ما شاؤوا ويصححوا ما شاؤوا ويبطلوا ما شاؤوا بآرائهم من غير وحي، وهذا أيضا ضروري البطلان، وقد تظافرت الآيات وتواترت الأخبار بأنهم لا ينطقون عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وأن الله تعالى كان متفضلا عليهم بملكة كانوا يفهمون من كتاب الله تعالى ما كان، وما يكون وأن الكتاب تبيان كل شئ.
وإن أرادوا بذلك أنه تعالى لما أكمل نبيه صلى الله عليه وآله بحيث لا يختار إلا ما يوافق الحق ولا يخالف مشيئته، فوض إليه تعيين بعض الأمور كزيادة بعض الركعات وتعيين النوافل من الصلاة والصيام وطعمة الجد ونحو ذلك إظهارا لشرفه وكرامته، ثم لم اختار أكد ذلك بالوحي من عنده، فلا فساد عقلا ولا نقلا فيه، بل في كثير من الأخبار ما يدل عليه، وقد عقد له في الكافي بابا. بل نسبه بعضهم إلى أكثر المحدثين.
الثالث: تفويض أمر الخلق إليهم في السياسة والتأديب والتكميل، وأمرهم بطاعتهم بمعنى أنه يجب عليهم طاعتهم في كل ما يأمرون به وينهون عنه سواء علموا وجه الصحة أم لا، بل ولو كان بحسب ظاهر نظرهم عدم الصحة، بل الواجب عليهم القبول وتفويض الأمر إليهم والتسليم لهم بحيث لا يجدون حرجا فيما قضوا ويسلموا تسليما، كما قال سبحانه، وهذا لا شبهة في صحته.
الرابع: تفريض بيان العلوم والأحكام على ما أرادوا ورأوا المصلحة فيه لاختلاف عقول الناس أو للتقية، فيفتون بعض الناس بالأحكام الواقعية وبعضهم بالتقية ويسكتون عن جواب آخرين بحسب المصلحة، ويجيبون في تفسير الآيات وتأويلها وبيان الحكم والمعارف بحسب ما يحتمله عقل كل سائل، وقد جاء في غير واحد من الأخبار: " عليكم أن تسألوا وليس علينا أن نجيب ". وهذا أيضا لا ريب في صحته.
الخامس: التفويض في الإعطاء والمنع، فإن الله تعالى خلق لهم الأرض وما فيها، وجعل لهم الأنفال وصفوا لمال والخمس وغيرها. فلهم أن يعطوا ما شاؤوا ويمنعوا كذلك، أيضا لإشكال في صحته.
السادس: الاختيار في أن يحكموا في كل واقعة بظاهر الشريعة أو بعلمهم