فإن شيئا من ذلك لا يدل على المدح عند المحققين، وتوضيح المقال في هذا المجال يستدعي الكلام في موضعين:
الأول: في بيان ما وقفنا عليه من معاني مفرداتها مع النسبة بين بعضها مع بعض. فنقول: المعروف في ألسنة العلماء بل كتبهم أن الأصول الأربعمائة جمعت في عهد مولانا الصادق عليه السلام كما عن بعض، وفي عهد الصادقين عليهما السلام كما عن آخر، أو في عهد الصادق والكاظم عليهما السلام كما ذكره الطبرسي في إعلام الورى، حيث قال: " روى عن الصادق عليه السلام من مشهوري أهل العلم أربعة آلاف إنسان، وصنف من جواباته في المسائل أربعمائة كتاب معروفة تسمى الأصول رواها أصحابه وأصحاب ابنه موسى عليهما السلام.
لكن حكى الوحيد في فوائد التعليقة ابن شهرآشوب أنه في معالمه نقل عن المفيد - رحمه الله - أن الإمامية صنفوا من عهد أمير المؤمنين عليه السلام إلى زمان العسكري عليه السلام أربعمائة كتاب تسمى الأصول.
وكيف كان فلا ينبغي الريب في مغايرة الأصل للكتاب، لأنك تراهم كثيرا ما يقولون في حق راو: كان له أصل وله كتاب: ألا ترى إلى قول الشيخ - رحمه الله - في زكريا بن يحيى الواسطي: له كتاب الفضائل وله أصل. فلو كان الكتاب والأصل شيئا واحدا لم يتم ذلك، وأيضا فتراهم يقولون: له كتب أو كتابان، ولا يقولون: له أصول أو أصلان، وأيضا فإن مصنفاتهم وكتبهم أزيد من أربعمائة.
فإن أهل الرجال قد ذكروا لابن أبي عمير أربعا وتسعين كتابا، ولعلي بن مهزيار 35 كتابا، وللفضل بن شاذان 180 كتابا، وليونس بن عبد الرحمن أكثر من ثلاثمائة كتاب، ولمحمد بن أحمد بن إبراهيم ما يزيد على سبعين كتابا فهذه أزيد من 679 كتابا لخمسة أنفار، فكيف بالبقية فلابد من وجه لتسمية بعضها أصولا دون البواقي، وفي وجه الفرق أقوال:
أحدها: ما حكاه المولى الوحيد عن قائل لم يسمه، وهو أن الأصل ما كان مجرد كلام المعصوم عليه السلام، والكتاب ما فيه كلام مصنفه أيضا. ونوقش في ذلك تارة بأن الكتاب يطلق على الأصل أيضا فهو أعم منه. وأخرى بأن كثيرا من الأصول