وبالجملة الظاهر أن القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأصولية أيضا فربما كان شئ عند بعضهم فاسدا وكفرا. أو غلوا أو تفويضا، أو جبرا أو تشبيها، أو غير ذلك، وكان عند آخر مما يجب اعتقاده أولا هذا ولا ذاك، وربما كان منشأ جرحهم بالأمور المذكورة وجدان الرواية الظاهرة فيها منهم، كما أشرنا إليه آنفا، أو ادعا أرباب المذهب كونه منهم، أو روايتهم عنه، وربما كان المنشأ روايتهم المناكير عنهم إلى غير ذلك، فربما يحصل التأمل في جرحهم بأمثال الأمور المذكورة - إلى أن قال: - ثم اعلم أنه يعني أحمد بن محمد بن عيسى وابن الغضائري ربما ينسبان الراوي إلى الكذب ووضع الحديث بعد ما ينسبانه إلى الغلو، وكأنه لرواية ما يدل عليه " ولا يخفى ما فيه - اه.
قلت: فلابد حينئذ من التأمل في جرحهم بأمثال هذه الأمور، ومن لحظ مواضع قدمهم في كثير من المشاهير كيونس بن عبد الرحمن ومحمد بن سنان والمفضل بن عمر وأمثالهم عرف الوجه في ذلك.
وكفاك شاهدا إخراج أحمد بن محمد بن عيسى لأحمد بن محمد بن خالد البرقي من قم. بل عن المجلسي الأول: أنه أخرج جماعة من قم. بل عن المحقق الشيخ محمد ابن صاحب المعالم أن أهل قم كانوا يخرجون الراوي بمجرد توهم الريب فيه.
فإذا كانت هذه حالتهم وذا ديدنهم، فكيف يعول على جرحهم وقدحهم بمجرده بل لابد من التروي والبحث عن سببه والحمل على الصحة مهما أمكن. (1)