أوما يلهمهم الله تعالى من الواقع كما دل عليه بعض الأخبار، ذكره السيد - رحمه الله - في محكي رجاله، وهو على ظاهره من التخيير المطلق في الحكم في كل واقعة من دون ملاحظة خصوصيات المقام وما فيه من المصالح والمفاسد والحكم المترتبة عليه كالتخيير الابتدائي الثابت بدليله كالقصر والإتمام في مواضع التخيير، وخصال الكفارة التخييرية ونحوهما محل تأمل وإشكال.
السابع: تفويض تقسيم الأرزاق، جعله في الفوائد مما يطلق عليه التفويض، وصحته وفساده يعرف من المعنى الأول. ولعله يرجع إليه أو عينه، إلا أن يعمم الأول للخلق والرزق والآجال وغيرها، ويختص هذا بخصوص الأرزاق كما هو ظاهره.
الثامن: ما عليه المعتزلة من أن الله سبحانه لا صنع له ولا دخل في أفعال العباد سوى أن خلقهم وأقدرهم ثم فوض إليهم أمر الافعال يفعلون ما يشاؤون على وجه الاستقلال، عكس مقالة المجبرة، فهم بين إفراط وتفريط، وهو الذي ينبغي أن ينزل عليه قولهم عليهم السلام " لا جبر ولا تفويض " لمقابلته بالجبر، إذ كما أن في الجبر نسبة العدل الرؤوف إلى الظلم والعدوان، فكذا في التفويض عزل للمحيط القائم على كل نفس بما كسبت من السلطان، وقد جاءت الأخبار بذم الفريقين وأن الحق أمر بين الأمرين.
التاسع: قول الزنادقة وأصحاب الإباحات، وهو القول برفع الحظر عن الخلق في الأفعال والإباحة لهم ما شاؤوا من الأعمال.
وإذ قد عرفت ذلك كله وأن بعض الأقسام صحيح وبعضها فاسد، فلا ينبغي المسارعة إلى القدح في الرجل بمجرد عد بعضهم له من المفوضة، إذ لعله يقول بالقسم الصحيح من التفويض بل لابد من التأمل والتروي، ودعوى اشتهار التفويض في المعاني المنكرة، فينصرف الإطلاق إليها وينزل عليها كما ترى. (1) ومنها الجبرية - بالجيم المفتوحة ثم الباء الساكنة - خلاف القدرية، وفي عرف أهل الكلام يسمون المجبرة والمرجئة لأنهم يؤخرون أمر الله ويرتكبون الكبائر.