ومنها أنه لو كانت فيها دلالة على الوثوق، لشاع بين أهل الرجال والحديث التمسك به للوثاقة، مع أنه كلهم أو جلهم يضعفون الحديث بجهالة من قيل في حقه ذلك. ولم يعتبروا تلك العبارة في الوثاقة ولا الحسن، كما لا يخفى على المتتبع، وأما من جعله دالا على الذم فلعله بالنظر إلى قراءته مجهولا مع دعوى إشعاره بعدم الاعتناء وعدم الاعتداد به، وأنه ليس ممن يعتنى برواياته، بل هو مهجور متروك ساقط من الأعين، ولكن قد نتفق الرواية عنه، فتأمل.
[وعندي أن الصحيح، القول الرابع، ومعناه أن ابن عقدة ذكر هذا الراوي في أصحاب الصادق عليه السلام، ثم روى بإسناده عنه خبرا عن الصادق عليه السلام، كما هو دأب من تأخر عنه كأبي نعيم في تاريخه، والخطيب في تاريخ بغداد، حيث عنونا الرجل وذكرا مشايخه ثم رويا عنه خبرا]. (1) ومنها قولهم: " مضطلع بالرواية ".
أي قوي وعال لها، ولا ريب في إفادته المدح، لكونه كناية عن قوته وقدرته عليها، فإن اضطلاع الأمر القدرة عليه. كأنه قويت ضلوعه بحمله، ولكن في إفادته المدح المعتد به تأمل، وأما التوثيق فلا ريب في عدم دلالته عليه.
ومنها قولهم: " سليم الجنبة ".
وفسر بسليم الأحاديث وسليم الطريقة، وعليه فلا شبهة في دلالته على المدح المعتد به، لكنه أعم من التوثيق المصطلح.
ومنها قولهم: " خاصي ".
وفيه احتمالان: أحدهما: كون المراد به الشيعي مقابل العامي.
والثاني: كون المراد به أنه من خواص الأئمة عليهم السلام.
وعلى الأول فهو دال على كونه إماميا، وعلى الثاني فهو دال على المدح المعتد به، بل يمكن استفادة التوثيق منه، لبعد تمكينهم عليهم السلام من صيرورة غير الثقة من خواصهم. لكن استعمال اللفظة في الأول في هذه الأزمنة أشيع وإن كان في الأزمنة السابقة بالمساواة إن لم يكن بالعكس، وفي البداية ما معناه أن