والأنبياء والأئمة (ع)، واما الباطنة فالعقول، يا هشام كان أمير المؤمنين (ع) يقول: ما عبد الله بشئ أفضل من العقل، وما تم عقل امرء حتى تكون فيه خصال شتى، الكفر والشر منه مأمونان، والرشد والخير مأمولان، فضل قوله مكفوف ونصيبه من الدنيا القوت، لا يشبع من العلم دهره، الذل أحب إليه مع الله من العز مع غيره، والتواضع أحب إليه من الشرف، يستكثر قليل المعروف من غيره، ويستقل كثير المعروف من نفسه، ويرى الناس كلهم خيرا منه، وانه شرهم في نفسه، في حديث طويل عرض فيه الإمام (ع) الحالات التي تكشف عن عظمة العقل وخصائصه، وما ينتج عنه من الفوائد التي تسمو بالانسان وترفع من شأنه، وتساهم في بناء المجتمع السليم الذي تسوده العدالة ويوفر السعادة والرفاهية لجميع بني الانسان (1).
وروى في باب الاضطرار إلى الحجة عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله الصادق (ع) ان رجلا سأله، من أين أثبت الأنبياء والرسل؟
قال (ع): انا لما أثبتنا إذ لنا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق وكان ذلك الصانع حكيما متعاليا لم يجز ان يشاهده خلقه، ولا يلامسوه فيباشرهم ويباشروه ويحاجهم ويحاجوه، ثبت ان له سفراء في خلقه يعبرون عنه إلى خلقه وعباده ويدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم، فثبت الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، والمعبرون عنه جل وعز، وهم الأنبياء صفوته من خلقه غير مشاركين للناس على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب، ثم ثبت ذلك في كل دهر وزمان مما أتت به الرسل والأنبياء من الدلائل والبراهين لكيلا تخلو ارض الله من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقالته وجواز عدالته (2).