وأرياف محدقة وعراص مغدقة ورياض ناضرة وطرق عامرة، لكان قد صغر قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء.. ولو كان الأساس المحمول عليها والأحجار المرفوع بها، بين زمردة خضراء وياقوتة حمراء ونور وضياء، لخفف ذلك مصارعة الشك في الصدور ولوضع مجاهدة إبليس عن القلوب ولنفى معتلج الريب من الناس، ولكن الله يختبر عباده بأنواع الشدائد ويتعبدهم، بأنواع المجاهد، ويبتليهم بضروب المكاره، إخراجا للتكبر من قلوبهم وإسكانا للتذلل في نفوسهم، وليجعل ذلك أبوابا فتحا إلى فضله وأسبابا ذللا لعفوه (خ 192).
ولو أراد الله سبحانه لأنبيائه حيث بعثهم، أن يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن العقيان ومغارس الجنان، وأن يحشر معهم طيور السماء ووحوش الأرضين لفعل، ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء واضمحلت الأنباء، ولما وجب للقابلين أجور المبتلين، ولا استحق المؤمنون ثواب المحسنين (خ 192).
أيها الناس، إن الله قد أعاذكم من أن يجور عليكم ولم يعذكم من أن يبتليكم، وقد قال جل من قائل:
«إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين» (خ 103).
واعلموا أنه ليس لهذا الجلد الرقيق صبر على النار، فارحموا نفوسكم، فإنكم قد جربتموها في مصائب الدنيا (ك 235).
من أصبح على الدنيا حزينا، فقد أصبح لقضاء الله ساخطا، ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فقد أصبح يشكو ربه (ح 228).
وإن ابتليتم فاصبروا، فإن العاقبة للمتقين (خ 98).
من عظم صغار المصائب ابتلاه الله بكبارها (ح 448).
كلما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل (خ 192).
وقال عليه السلام يعزي الأشعث بن قيس عن ابن له: يا أشعث إن تحزن على ابنك فقد استحقت منك ذلك الرحم، وإن تصبر ففي الله من كل مصيبة خلف، يا أشعث إن صبرت جرى عليك القدر وأنت مأجور، وإن جزعت جرى عليك القدر وأنت مأزور، يا أشعث ابنك سرك، وهو بلاء وفتنة، وحزنك وهو ثواب ورحمة (ح 291).
وفي معرض حديثه عليه السلام عن خاصة الأنبياء والأولياء قال: وكانوا قوما