وخلف لكم (سبحانه) عبرا من آثار الماضين قبلكم، من مستمع خلاقهم، ومستفتح خناقهم، أرهقتهم المنايا دون الآمال، وشذبهم عنها تخرم الآجال، لم يمهدوا في سلامة الأبدان، ولم يعتبروا في أنف الأوان (خ 83).
(قاله بعد تلاوته:
«ألهاكم التكاثر. حتى زرتم المقابر»)... أفبمصارع آبائهم يفخرون أم بعديد الهلكى يتكاثرون... ولأن يكونوا عبرا، أحق من أن يكونوا مفتخرا،... ولئن عميت آثارهم، وانقطعت أخبارهم، لقد رجعت فيهم أبصار العبر، وسمعت عنهم آذان العقول، وتكلموا من غير جهات النطق (ك 221).
وبادروا الموت وغمراته، وأمهدوا له قبل حلوله، وأعدوا له قبل نزوله: فإن الغاية القيامة، وكفى بذلك واعظا لمن عقل، ومعتبرا لمن جهل وقبل بلوغ الغاية ما تعلمون من ضيق الأرماس، وشدة الإبلاس، وهول المطلع، وروعات الفزع، واختلاف الأضلاع، واستكاك الأسماع، وظلمة اللحد، وخيفة الوعد، وغم الضريح، وردم الصفيح (خ 190).
(277) 3 - الاتعاظ بمصير المستكبرين وأعداء الله تعالى، والمنحرفين عن تعاليمه:
فاعتبروا بما أصاب الأمم المستكبرين من قبلكم من بأس الله وصولاته، ووقائعه ومثلاته، واتعظوا بمثاوي خدودهم، ومصارع جنوبهم (خ 192).
وإن لكم في القرون السالفة لعبرة أين العمالقة وأبناء العمالقة أين الفراعنة وأبناء الفراعنة أين أصحاب مدائن الرس الذين قتلوا النبيين، وأطفئوا سنن المرسلين، وأحيوا سنن الجبارين أين الذين ساروا بالجيوش، وهزموا بالألوف، وعسكروا العساكر، ومدنوا المدائن (خ 182).
واتعظوا فيها بالذين قالوا:
«من أشد منا قوة» حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا، وأنزلوا الأجداث فلا يدعون ضيفانا (خ 111).
فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس إذ أحبط عمله الطويل، وجهده الجهيد، وكان قد عبد الله ستة آلاف سنة، لا يدرى أمن سني الدنيا أم من سني الآخرة، عن كبر ساعة واحدة. فمن ذا بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصيته كلا، ما كان الله سبحانه ليدخل الجنة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا. إن حكمه في أهل السماء وأهل الأرض