لواحد، وما بين الله وبين أحد من خلقه هوادة في إباحة حمى حرمه على العالمين (خ 192).
وإن عندكم الأمثال من بأس الله وقوارعه، وأيامه ووقائعه، فلا تستبطئوا وعيده جهلا بأخذه، وتهاونا ببطشه، ويأسا من بأسه (خ 192).
واحذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات بسوء الأفعال، وذميم الأعمال.
فتذكروا في الخير والشر أحوالهم، واحذروا أن تكونوا أمثالهم (خ 192).
(الماضين من المؤمنين) فانظروا كيف كانوا حيث كانت الإملاء مجتمعة، والأهواء مؤتلفة، والقلوب معتدلة، والأيدي مترادفة، والسيوف متناصرة، والبصائر نافذة، والعزائم واحدة. ألم يكونوا أربابا في أقطار الأرضين، وملوكا على رقاب العالمين فانظروا إلى ما صاروا إليه في آخر أمورهم، حين وقعت الفرقة، وتشتتت الألفة، واختلفت الكلمة والأفئدة، وتشعبوا مختلفين، وتفرقوا متحاربين، قد خلع الله عنهم لباس كرامته، وسلبهم غضارة نعمته، وبقي قصص أخبارهم فيكم عبرا للمعتبرين (خ 192).
(278) 4 - الاتعاظ بمصير المستضعفين الذين سلكوا طريق الله تعالى:
وتدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم، كيف كانوا في حال التمحيص والبلاء، ألم يكونوا أثقل الخلائق أعباء، وأجهد العباد بلاء، وأضيق أهل الدنيا حالا.
اتخذتهم الفراعنة عبيدا فساموهم سوء العذاب، وجرعوهم المرار، فلم تبرح الحال بهم في ذل الهلكة، وقهر الغلبة، لا يجدون حيلة في امتناع، ولا سبيلا إلى دفاع. حتى إذا رأى الله سبحانه جد الصبر منهم على الأذى في محبته، والاحتمال للمكروه من خوفه، جعل لهم من مضايق البلاء فرجا، فأبدلهم العز مكان الذل، والأمن مكان الخوف، فصاروا ملوكا حكاما، وأئمة أعلاما، وقد بلغت الكرامة من الله لهم ما لم تذهب الآمال إليه بهم (خ 192).
فاعتبروا بحال ولد إسماعيل وبني إسحاق وبني إسرائيل عليهم السلام. فما أشد اعتدال الأحوال، وأقرب اشتباه الأمثال تأملوا أمرهم في حال تشتتهم وتفرقهم، ليالي كانت الأكاسرة والقياصرة أربابا لهم، يحتازونهم عن ريف الآفاق، وبحر العراق، وخضرة الدنيا، إلى منابت الشيح، ومها في الريح، ونكد المعاش، فتركوهم عالة مساكين