المعجم الموضوعي لنهج البلاغة - أويس كريم محمد - الصفحة ١٢٤
التراب أكفان، ومن الرفات جيران، فهم جيرة لا يجيبون داعيا، ولا يمنعون ضيما، ولا يبالون مندبة، إن جيدوا لم يفرحوا، وإن قحطوا لم يقنطوا، جميع وهم آحاد، وجيرة وهم أبعاد، متدانون لا يتزاورون، وقريبون لا يتقاربون، حلماء قد ذهبت أضغانهم، وجهلاء قد ماتت أحقادهم، لا يخشى فجعهم، ولا يرجى دفعهم (خ 111).
فكأنهم في ارتجال الصفة صرعى سبات، جيران لا يتأنسون، وأحباء لا يتزاورون، بليت بينهم عرا التعارف، وانقطعت منهم أسباب الإخاء، فكلهم وحيد وهم جميع، وبجانب الهجر وهم أخلا ء، لا يتعارفون لليل صباحا، ولا لنهار مساء (ك 221).
(144) مصير أجساد الناس بعد موتهم ودفنهم:
وقد غودر في محلة الأموات رهينا، وفي ضيق المضجع وحيدا، قد هتكت الهوام جلدته، وأبلت النواهك جدته، وعفت العواصف آثاره، ومحا الحدثان معالمه، وصارت الأجساد شحبة بعد بضتها، والعظام نخرة، بعد قوتها (خ 83).
ولو استنطقوا عنهم عرصات تلك الديار الخاوية، والربوع الخالية، لقالت: ذهبوا في الأرض ضلالا وذهبتم في أعقابهم جهالا، تطأون في هامهم، وتستنبتون في أجسادهم، وترتعون فيما لفظوا، وتسكنون فيما خربوا (ك 221).
فلو مثلتهم بعقلك، أو كشف عنهم محجوب الغطاء لك، وقد ارتسخت أسماعهم بالهوام فاستكت، واكتحلت أبصارهم بالتراب فخسفت، وتقطعت الألسنة في أفواههم بعد ذلاقتها، وهمدت القلوب في صدورهم بعد يقظتها، وعاث في كل جارحة منهم جديد بلى سمجها، وسهل طرق الآفة إليها، مستسلمات فلا أيد تدفع، ولا قلوب تجرع، لرأيت أشجان قلوب، وأقذاء عيون، لهم في كل فظاعة صفة حال لا تنتقل، وغمرة لا تنجلي، فكم أكلت الأرض من عزيز جسد، وأنيق لون، كان في الدنيا غذي ترف، وربيب شرف (ك 221).
وقد طحنهم بكلكله البلى، وأكلتهم الجنادل والثرى (خ 226).
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»