وهم يحملون أسماء جاهلية، وقد سموا أبناءهم بأسماء جاهلية، اللهم إلا الجيل الذي ولد بعد الاسلام من آباء عاشوا في مراكز الاسلام الكبرى في المدينة وغيرها فقد حمل القليل من أفراده أسماء تتصل بالأساس العقيدي للاسلام (عبد الله، عبيد الله، عبد الرحمان..) وبقي أكثر أفراد هذا الجيل يحملون أسماء جاهلية أو تتصل بالجاهلية بشكل أو بآخر.
وهكذا يتبين لنا كيف أن (الظاهرة الثقافية الاسمية) - إذا صح التعبير - في كل نظام ثقافي جديد ذات طبيعة خاصة، فهي لا تستجيب للتعير بالسهولة والسرعة التي تستجيب لها الظاهرات الأخرى، بل إنها تتسم بالمحافظة، وتتغير ببطء شديد.
ونقدر - على ضوء ما قدمنا - أن التغيير يحتاج إلى ثلاثة أجيال أو أربعة أجيال بعد دخول المجتمع في العالم الثقافي الجديد.
فإن الجيل الأول يبقى على أسمائه النابعة من العالم الثقافي القديم، ويكون قد سمى أبناءه بالأسماء المنسجمة مع ثقافته القديمة.
ولا شك في أن رواسب الثقافة القديمة وأدبياتها تبقى حية فاعلة، بنسب متفاوتة، في الكثرة العظمى من المجتمع في الجيل الثاني الذي يحمل أسماءه وأسماء آبائه النابعة من الثقافة القديمة، وهو مشبع في الوقت نفسه بمعاني الثقافة الجديدة، فتبدأ الأسماء المتصلة بالثقافة الجديدة بالظهور، ولكن يبقى لاسماء الثقافة القديمة وجود واسع الانتشار، يأخذ بالإنحسار في الجيل الثالث، حتى يذوب نهائيا في الجيل الرابع، أو الخامس بعد دخول المجتمع في عالمه الثقافي الجديد.