وأنت إذا نظرت إلى تصريح ابن الأثير بشهادة عون في حرب تستر في ترجمة من هذا الكتاب علمت إنه لم يكن له إن كان عاقلا غير مغفل أن يقول في ترجمة أم كلثوم (ع): ولما قتل عنها عمر تزوجها عون بن جعفر لأن هذا تناقض لا يتأتى إلا من أعفك سفيه لا يدري ما يخرج من فيه.
أما ذكره ابن الأثير في هذا الباب في قصة طويلة أن بعد تأيم أم كلثوم (ع) من عمر جاء الحسن والحسين (ع) إليها وقالا لها كذا وكذا.. وجرى لها مع أبيها (ع) كذا وكذا.. فهو من الأقاصيص الباطلة التي لا يشك في بطلانها وهو أنها، أحد من العقلاء الذين لهم أيسر وقوف على سيرة أهل البيت (ع) في تأدب صغارهم مع كبارهم وزهدهم جميعا في الدنيا ومتاعها وزخرفها، ولو شئنا لأتينا بدلائل لا تحصى على فساد هذه القصة الفضيعة، الفرية الموضوعة الشنيعة عقلا ونقلا وسندا ومتنا.
ولكن يكفيك في ظهور بطلانها ووضوح هوانها، أن عون بن جعفر قد أستشهد في حرب تستر كما أقر به ابن الأثير بنفسه وحرب تستر كانت في عهد عمر فكيف يصح عوده حيا بعد مقتل عمر حتى يمكن أرصد قال: قد فعلت فجاء عمر إلى المهاجرين فقال: زفوني فزفوه فقالوا: بمن تزوجت قال: بنت علي، أن النبي (ص) قال: كل نسب وسبب سيقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي، وكنت قد صاهرت فأحببت هذا أيضا، ومن طريق عطاء الخراساني: أن عمر أمهرها أربعين ألفا وأفرج بسند صحيح أن ابن عمر صلى على أم كلثوم وأبنها زيد فجعله مما يليه وكبر أربعا، وساق بسند آخر أن سعيد بن العاص هو الذي أتهم عليه (1) انتهى.
وفي كلام ابن حجر من الأكاذيب لا تخفي على أصحاب النظر وأرباب البصر، وأما ما ذكر بقوله: وقال ابن أبي عمر المقدسي.. إلى آخره فهو ظاهر البطلان والفساد عند الحرة النقاد، لأنه خبر مقدوح سندا ومتنا، ولقد تكلمنا عنه