فهو تلخيص لكلام ابن عبد البر الذي ساقه بلا إسناد في الاستيعاب، وقد علمت بطلانه آنفا ببيان، فيظهر منه كل عر وعار وذم وعاب، ويسوق لصاحبه أوهى التبار، والتبار، ولقد حرف فيه ابن الأثير تحريفا بينا كتمانا لبعض عيب إمامه، وذلك أن عبد البر أورد في سياقه أن عمر، والعياذ بالله قد ضوع يده على ساقها، وابن الأثير أستحي أن يذكره بهذه الصراحة فبدلها بقوله، ووضع يده عليها، ولكن هذا التغيير والتبديل لا يستر شناعة فعل إمامه الضليل، بل يجعل كيد الكائدين في تضليل.
وهذا الكلام منا على سبيل الالزام والافحام، وإلا فقد علمت بما ذكرنا مرة بعد مرة، أن كل ما ذكروه بهذا الباب بهت وكذاب، ومعاذ الله أن يصححه ذو مسكة من ذوي الألباب.
ومن العجائب أن ابن الأثير قد ذكر في آخر هذا السياق الذي أخذه من كتاب الاستيعاب أن عمر طلب الترفيه من المهاجرين الذين كانوا يجلسون في الروضة فرفئوه، وهذا من أنكر الشنائع، والطوام التي لا تخفي شناعتها على الخواص والعوام، قد سبق في باب إبطال كلام ابن سعد البصري صاحب الطبقات ما يدلك على أن هذا الترفيه كانت من رسوم الجاهلية، وقد نهى عنها رسول الله (ص)، فكيف ساغ لابن الأثير أن ينسب طلبها إلى أمامه ابن الخطاب ويذكر صدورها من كبار المهاجرين من الأصحاب.
ومن أعجب العجائب إن ابن الأثير قد روى بنفسه حديث النهي عن الترفيه، في كتابه هذا أعني - أسد الغابة - حيث قال في ترجمة عقيل بن أبي طالب (ع) ما نصه: أخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله بن أبي حبة، بإسناده عن عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال: تزوج عقيل بن أبي طالب فخرج علينا فقلنا له بالرفاه والبنين فقال: مه لا تقولوا ذلك، فإن النبي (ص) نهى عن ذلك وقال: قولوا بارك الله لك وبارك عليك، وبارك الله لك