إفحام الأعداء والخصوم - السيد ناصر حسين الهندي - الصفحة ١٦٦
المقدوح عند كبار الأخبار، وقد زاد فيه ابن عبد البر أو غيره من أسلافه الكذابين زيادات غريبة في هذا الباب لا يخفى فسادها على أولي الألباب، قوله: ووضع يده على ساقها، فإنه كذب بين لا يمترى في فساده أحد من المسلمين، لأن وضع اليد على الساق يأنف منه كل عاهي ولو كان من الفجار والفساق، فكيف جوز واضع هذا الأفك البين نسبته إلى عمر وهو عنده خليفة المسلمين.
ومن العجائب إن واضع هذا الكذب المهين، قد نسب إلى سيدتنا أم كلثوم (ع) إنها مع صغرها شعرت بقبح هذا الفعل الشنيع وأنكرته على عمر فقالت:
أتفعل هذا وهددته بكسر أنفه، ثم خرجت حتى جاءت أباها وأخبرته الخبر وقالت: بعثتني إلى شيخ سوء.
ولا يخفى على أولي الأحلام إن واضع هذا الأفك الجالب للملام قد فضح أمامه بين الأنام بافترائه عليه، ووصمه بهذا الإجرام الموبق عند الخواص والعوام الذي لا تجترئ عليه الغاغة (1) المحتقبون لشنائع الآثام.
ومن آيات علو الحق على الباطل، إن بعض الأعلام من علماء أهل السنة قد أعترف بفساد هذا الأفك البين، قال العلامة سبط ابن الجوزي في كتابه - تذكرة خواص الأمة - في ذكر سيدتنا أم كلثوم (ع) ما لفظه: وذكر جدي في كتابه - المنتظم -: إن عليا بعثها إلى عمر لينظرها وإن عمر كشف ساقها ولمسها بيده.
قلت: وهذا قبيح والله لو كانت أمة لما فعل بها هذا، ثم بإجماع المسلمين لا يجوز لمس الأجنبية فكيف ينسب عمر إلى هذا، انتهى (2).
ولقد حق بعد مطالعة هذا الكلام المظهر للكذب الصراح والبهت البواح، أن يقال: أطف المصباح فقد طلع الصباح، أما ما ذكره ابن عبد البر بقوله:
حدثنا عبد الوارث.. إلى آخره فواضح البطلان، وظاهر الهوان، لأن هذا الخبر

(1) الغاغة: الكثير المختلط من الناس.
(2) تذكرة خواص الأمة: 321.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»