الأكفان، وقام حجر وأصحابه يصلون عامة الليل، فلما كان الغد قدموهم ليقتلوهم، فقال لهم حجر: اتركوني أتوضأ وأصلي، فإني ما توضأت إلا صليت. فتركوه فصلى، ثم انصرف منها وقال: والله ما صليت صلاة قط أخف منها، ولولا أن تظنوا في جزعا من الموت لاستكثرت منها، ثم قال:
اللهم إنا نستعديك على أمتنا.. أما والله لان قتلتموني بها فإني لأول المسلمين كبر في نواحيها (152)، وأول فارس من المسلمين هلك في واديها..
ثم مشى إليه قاتله بالسيف، فارتعد، فقالوا له: زعمت أنك لا تجزع من الموت، فابرأ من صاحبك، وندعك، فقال: ومالي لا أجزع! وأرى قبرا محفورا، وكفنا منشورا، وسيفا مشهورا، وإني والله إن جزعت من القتل لا أقول ما يسخط الرب، فقتلوه وقتلوا ستة معه، وقال اثنان منهما: إبعثوا بنا إلى أمير المؤمنين، فإنا نقول في هذا الرجل مقالته، فأذن لهما معاوية، فقال لأحدهما: أتبرأ من دين علي الذي يدين الله به؟ فسكت، فشفعوا فيه، فأطلق سراحه، ونفاه إلى الموصل، وأما الآخر، فقال له معاوية: يا أخا ربيعة! ما تقول في علي؟ قال: دعني ولا تسألني فهو خير لك! قال: والله لا أدعك، قال: أشهد أنه كان من الذاكرين لله تعالى كثيرا، ومن الآمرين بالحق، والقائمين بالقسط، والعافين عن الناس، قال: فما قولك في عثمان؟ قال: هو أول من فتح أبواب الظلم، وأغلق أبواب الحق، قال: قتلت نفسك! قال:
بل إياك قتلت، ولا ربيعة بالوادي، يعني ليشفعوا فيه. فرده معاوية إلى زياد، وأمره ان يقتله شر قتلة فدفنه حيا (153).
وفي الاستيعاب (154): ان حجرا قال لمن حضره من أهله: لا تنزعوا عني