ثم أراد معاوية أن يغري بين بني أمية ليفرق كلمتهم، فأمر سعيد بن العاص بهدم دار مروان، وتصفية أموال، كما حدث بذلك ابن الأثير وقال (163): في سنة أربع وخمسين عزل معاوية سعيد بن العاص عن المدينة، واستعمل مروان، وكان سبب ذلك: أن معاوية كان قد كتب إلى سعيد بن العاص أن يهدم دار مروان، ويقبض أمواله كلها ليجعلها صافية، ويقبض منه فدك، وكان وهبها له، فراجعه سعيد بن العاص في ذلك، فأعاد معاوية الكتاب بذلك، فلم يفعل سعيد، ووضع الكتابين عنده، فعزله معاوية، وولى مروان، وكتب إليه يأمره بقبض أموال سعيد ابن العاص، وهدم داره، فأخذ الفعلة وسار إلى دار سعيد ليهدمها فقال له سعيد: يا أبا عبد الملك!
أتهدم داري؟ قال: نعم. كتب إلي أمير المؤمنين، ولو كتب إليك في هدم داري لفعلت. فقال: ما كنت لافعل. قال: بلى والله، قال: كلا! وأراه كتابي معاوية إليه بذلك، وقال له: إنما أراد معاوية أن يحرض بيننا، فقال مروان:
أنت والله خير مني، وعاد ولم يهدم دار سعيد، وكتب سعيد إلى معاوية:
العجب مما صنع أمير المؤمنين ينافي قرابتنا، إنه يضغن بعضنا على بعض، فأمير المؤمنين في حلمه وصبره على ما يكره من الأخبثين، وعفوه، وإدخاله القطيعة بيننا والشحناء، وتوارث الأولاد ذلك، فوالله لو لم نكن أولاد أب واحد إلا لما جمعنا الله عليه من نصرة أمير المؤمنين الخليفة المظلوم، واجتماع كلمتنا، لكان حقا على أمير المؤمنين أن يرعى ذلك، فكتب إليه معاوية يعتذر.
المغتالون في بيعة يزيد:
وجد معاوية في حياة اثنين من كبار المسلمين عائقا لما يرومه من تولية ابنه