يمنع أمير المؤمنين أن يعقد لك البيعة، قال: أو ترى ذلك يتم؟ قال: نعم.
فأخبره يزيد أباه، فأحضر المغيرة، واستخبره، فقال المغيرة: قد رأيت ما كان من سفك الدماء والاختلاف بعد عثمان، وفي يزيد منك خلف فاعقد له، فإن حدث بك حادث كان كهفا للناس، وخلفا منك، ولا تسفك دماء، ولا تكون فتنة، قال: ومن لي بهذا؟ قال: أكفيك أهل الكوفة، ويكفيك زياد أهل البصرة، وليس بعد هذين المصرين أحد يخالفك. قال: فارجع إلى عملك وتحدث مع من تثق إليه في ذلك، وترى ونرى، فرجع إلى أصحابه، وقال: لقد وضعت رجل معاوية في غرز بعيد الغاية على أمة محمد، وفتقت عليهم فتقا لا يرتق أبدا، ثم رجع المغيرة إلى الكوفة، وأوفد مع ابنه موسى عشرة ممن يثق بهم من شيعة بني أمية، وأعطاهم ثلاثين ألف درهم، فقدموا عليه، وزينوا له بيعة يزيد، فقال معاوية: لا تعجلوا بذا، وكونوا على رأيكم، ثم قال لموسى سرا: بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم؟ قال: بثلاثين ألفا، قال: لقد هان عليهم دينهم!
زياد في بيعة يزيد:
وكتب معاوية إلى زياد وهو بالبصرة: أن المغيرة قد دعا أهل الكوفة إلى البيعة ليزيد بولاية العهد بعدي، وليس المغيرة بأحق بابن أخيك منك، فإذا وصل إليك كتابي فادع الناس قبلك إلى مثل ما دعاهم إليه المغيرة، وخذ عليهم البيعة ليزيد، فلما قرأ زياد الكتاب دعا برجل من أصحابه يثق بفضله وفهمه فقال: إني أريد أن أئتمنك على ما لم أتمن عليه بطون الصحائف، إيت معاوية، فقل له: يا أمير المؤمنين! إن كتابك ورد علي بكذا، فما يقول الناس إذا دعوناهم إلى بيعة يزيد وهو يلعب بالكلاب والقرود! ويلبس المصبغ!
ويدمن الشراب! ويمشي على الدفوف، وبحضرتهم الحسين بن علي، وعبد الله ابن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر! ولكن تأمره أن يتخلق بأخلاق هؤلاء حولا وحولين، فعسنا أن نموه على الناس. فلما صار الرسول