ثابتة كالطود الأشم لا يرى فيها ضعف النساء ورقتهن.
هذه أم المؤمنين في بلاغتها، وقدرتها السياسية، ونفوذ كلمتها ورباطة جأشها. غير أنه كانت فيها نقطة ضعف أتيت منها.
عبد الله بن الزبير وراء هذه الحرب:
كانت أم المؤمنين فذة في ملكاتها، ومواهبها. فذة في عاطفتها المشبوبة نحو ذوي قرباها، وخصت من بينهم عبد الله بن الزبير (ابن أختها أسماء) بحبها الجم، وحل منها محل الولد الفرد من الوالدة الشفيقة، وتكنت باسمه (296) ولم يكن أحد أحب إليها يومذاك من ابن الزبير (297).
قال هشام بن عروة: ما سمعت تدعو لاحد من الخلق مثل دعائها له، وأعطت للذي بشرها بسلامته من القتل عشرة آلاف درهم، ثم سجدت شكرا لله تعالى، ولما اعتلت دخل عليها بنو أختها، وفيهم عبد الله فبكى فرفعت رأسها تنظر إلى وجهه، فأبهتت لبكائه فبكت، ثم قالت: ما أحقني منك يا بني ما أرى، فما أعلم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وبعد أبوي أحدا أنزل عندي منزلتك، وأوصت له بحجرتها (298).
وعبد الله بن الزبير هذا كان قد نشأ على كره بني هاشم حتى استطاع أن يغير رأي أبيه الزبير على علي وهو ابن خال أبيه.
قال علي: ما زال الزبير رجلا منا أهل البيت حتى نشأ ابنه المشؤوم عبد الله (299).