حتى إذا تم أمر المعسكرين على الصلح ورأي " السبئيون " أتباع " عبد الله بن سبأ " ذلك، خافوا على أنفسهم من مغبة هذا الصلح، فاجتمعوا سرا في سواد الليل يتشاورون فأوعز إليهم رئيسهم (بطل القصة " ابن سبأ ") أن يندسوا بين الجيشين، فيهجم من اندس منهم في جيش علي على جيش عائشة، ومن اندس منهم في جيش عائشة يهاجم جيش علي، ويثيروا الحرب فجأة، فراقت لهم الخطة، ونفذوها في غلس الليل دون علم علي وعائشة. وهكذا أنشبت الحرب خلافا لرغبة قادة الجيشين. وهكذا وقعت حرب الجمل.
هذه الأسطورة الخرافية وضعها " سيف بن عمر " قبل سنة 170 ه، ومنه أخذ جميع المؤرخين، ثم اشتهرت القصة وانتشرت في كتب التاريخ مدى القرون حتى يومنا هذا حتى أصبحت من الحوادث التاريخية الشهيرة التي لا يتطرق إليها الشك، وقد فات الغالب من الكتاب والمؤرخين من الشرقين والمستشرقين: أن هذه الأسطورة وضعها راو واحد، وأن هذه الراوي مشهور عند القدامى من علماء الحديث بالوضع، ومتهم بالزندقة (307).
وقد أخذ من هذا الراوي الطبري (310 ه) في تاريخه.
وابن عساكر (571 ه) في موسوعته " تاريخ مدينة دمشق ".
وابن أبي بكر (741 ه) في كتابه " التمهيد والبيان في فضائل الخليفة عثمان " (308).